قيل: إذا كانت الحجة في الذمة لم جاز له فسخ العقد بتأخره عن السنة الأولى؟ قلنا: لأنها وان كانت في الذمة، فإن تعجيلها في السنة الأولى واجب، فإذا أحرم لم يفسخ العقد وثبت له خيار الفخ كما نقول في اللم في الرطب إذا انقطع على أحد القولين.
فرع آخر
لو كانت المدة طويلة، فعجل 187 / ب الحج جاز لأنه لا غرض في التأخير كما لو كان عليه دين مؤجل، فعجله يلزمه قبوله في ظاهر المذهب.
فرع آخر
لو أحرم به في السنة الأولى في هذه المسألة وأفسده فقد وقع ذلك عن الأجير، ولم يصح تسليمه إليه، لأن الإجارة تقتضي حجة صحيحة فيصير في معنى ما لو أخر تسليمها عن السنة الأولى.
وقال أصحابنا: ههنا له فسخ الإجارة واسترجاع الأجرة سواء كان الحج عن الحي أو الميت بوصية، أو تطوع من الوارث، لأن لهم فيه غرضاً صحيحاً، وذلك أن هذا الأجير يحتاج إلى القابل أن يقضي عن نفه هذه الحجة ثم يحج عن المستأجر في الثالثة، فيؤدي إلى تأخير الحجة إلى السنة الثالثة، وإذا استرجعوا الأجرة منه استأجروا من يحج في العام القابل، فاستفادوا به تعجيل الحج.
وقال القاضي الطبري: لا نمق فيه، ويجب أن يكون بمنزلة التأخير من غير إفساد على ما بيناه، لأن الحجة إذا كانت في الذمة، فله أن يحج غيره عنه، فإذا كان القابل حج عن نفسه القضاء، واستأجر من يحج عن الميت، فبطل ما قال: هذا القابل، فإذا ثبت هذا، فلم تنفسخ الإجارة وصبر عليه، فإنه في القابل يحج عن نفسه قضاء عما أفسده فإن حج عن المستأجر كان عما عليه من القضاء، نص عليه.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجه يقع القضاء عن المحجوج عنه، ويجعل الفاسد كأن لم يكن، ولا يجب رد الأجرة، وهذا غريب بعيد.
فرع آخر
لو استأجره رجلان ليحج كل واحد منهما، فأحرم عنهما جميعاً في سنة واحدة انعقد الإحرام عن نفه، لأن الجمع بين إحرامي في الحج لا يجوز دفعة واحدة، فلم يجز أن ينعقد بهما، فانعقد بأحدهما، وليس أحدهما بأولى من الآخر، فكان الأولى أن ينعقد عن الأجير، وكذلك لو أحرم الولد للأبوين انعقد عن نفسه 188 / أ.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا أحرم عن أبويه صح، وكان له أن يجعله عن أيهما شاء استحساناً، واحتج بأن المقصود بذلك جهة واحدة، وهي جهة الثواب والجهالة لا تؤثر في حق الله تعالى، وهذا غلط، لأنه قصد الإحرام الواحد عن اثنين، فأشبه إذا أحرم عن أجنبيين. فأما ما قالوه، فلا يصخ، لأن الحج يقع عن الأب كما يقع عن الأجنبي والقصد من الكل الثواب، وحصول القربة، فلا فرق. وهذا لو استأجره رجل