اجتمعت أنا والمحاملي والإصطخري، واتفقنا على أن نفتي أن كل من كان حاجاً عن الغير لا يستحق الأجرة، إلا أنه يرضخ له بشيء. هكذا حكاه القاضي الطبري، وذكر الشيخ أبو حامد: أنهم أفتوا بأن له الأجرة بقدر ما قطع من المسافة، وهذا يخرج على ما ذكره الشافعي في "الإملاء" إذا أحرم بالعمرة عن نفسه، ثم أحرم بالحج عن المستأجر من مكة أنه يلزمه أن يرد من الأجرة بقار المسافة، وما ترك هن الإحرام، فيكون في المسألة قولان:
أحدهما: ما ذكرنا، وهو الصحيح.
والثاني: يستحق بقدر، فتسقط الأجرة عليها. ثم في مسألة "الإملاء" من أصحابنا من يعتبر الفراسخ ويقتصر عليه. ومنهم من يعتبر مع الفراسخ سهولة الطريق وحزونتها، فربما يجعل أجرة فرسخ خمسة دراهم، وأجرة فرسخ درهماً، وهذا أصح، وإن مات بعد الفراغ من الأركان 189 / أ، وبقي الرمي والمبيت، فإن ورثته يريقون دماً عما تركه، وهل يردون بقدر ذلك من الأجرة؟ على اختلاف أصحابنا في تخريجه قولين، أو قول واحد على ما بيناه في مجاوزة الموضع الذي عينه للإحرام، وان مات في خلال الأركان مثل إن أتى بالإحرام والوقوف، وبقي عليه الطواف والسعي، فهل يستحق الأجرة) نص في "الإملاء" على قولين:
أحدهما: يستحق بقدر، وهو الصحيح.
ونقله المزني إلى "المختصر"، لأنه أوفاه بعض المقصود بعقد الإجارة، فأشبه من قال: من رد أبقى مكة كذا، فرده في بعض الطريق، ثم انفلت لا يستحق الأجرة، لأن المقصود لم يحصل كذلك ههنا. ومن قال بالأول أجاب عن هذا بأن في مسألة الأبق لم يحصل شي، من المقصود، وههنا حصل، لأن في أحد القولين، يبني الغير عليه.
وفي القول الثاني: يحصل الثواب له في قدر ما فعل، فإذا قلنا بالمذهب الأول، قال أبو إسحاق: فيه قولان:
أحدهما: يسقط على العمل والمسير، وان كان لو انفرد المسير لم يسقط عليه، لأن ههنا تابع للأفعال، ويجوز أن يتناول العقد شيئاً على وجه البيع، ولا ينفرد به كأساس الحيطان وطي الآبار، يصخ بيعهما مع الدار تبعاً، ولا يفردان بالبيع.
والثاني: يسقط على الأعمال، فيقال: كم تسوي الحجة من الميقات) فيقال: مائة، ثم يقال: وكم قدر ما عمله من الحج؟ فيقال: نصفه، فتجب نصف الأجرة، وهذا لأنه لو قابله عوض لكان له عوض بانفراده والمقصود الأعمال لا غير.
وذكر القفال: أن الأول هو المنصوص. والثاني، قول مخرج. وقال ابن سريج: ليست على قولين، بل هما على اختلاف حالين، فإن قال: استأجرتك لتحج عني فالتوزيع من يوم الإحرام. وان قال: لتخرج حاجاً عني، فمن يوم 189 / ب الخروج هذا في مقدار ما يستحقه من الأجرة. وأما في جواز الثناء في الحج على فعل الغير قولان: