وقال سائر أصحابنا: الصحيح الوجه الأول، وهذا الإحرام مبني على إحرام ابتدئ، في أشهر الحج، وإنما لا يجوز ابتداء الإحرام في غير أشهر الحج، ولأن هذا الإحرام تابع للأفعال، وهذه الأفعال الباقية تجوز في غير أشهر الحج، وما قاله أبو إسحاق لا يصح لما ذكره ومن وجه آخر، أنه لو صح ما قاله لوجب إذا أحرم الثاني بالحج (190 / أ) عند بقاء وقت الوقوف، وكان الأجير الأول، قد وقف أن يلزمه الوقوف، لأن الإحرام بالحج يوجب بذلك، ولا يقول هذا قليل. وقال بعض أصحابنا بخراسان: نص الشافعي على أن البناء على الحج جائز حتى لو وقف الأجير، ثم مات استؤجر عنه من يحرم إحراما ًناقصاً، ولا يحرم عليه في إحرامه إلا النساء، فيطوف بالبيت، ويتم الحج. وهذا قول غريب خلاف ما ذكر أبو إسحاق. وقيل: جملة ما ذكرناه ثلاثة أقوال:
أحدهما: الوارث يبني على فعل الأجير، ويستحق تمام الأجرة.
والثاني: لا يبني ولا يستحق شيئاً من الأجرة.
والثالث: لا يبني ويستحق بقدر ما فعله الأجرة، وهكذا القولان، فيمن حج عن نفسه، ومات في خلاله هل يبني عليه أم لا؟ ولا يختص ذلك بموت الأجير.
فرع
لو استأجره للحج فأحصر بعد وفاته يتحلل، ولا قضاء عليه كالمستأجر لو كان أحرم فأحصر.
فرع آخر
هل يستحق من الأجرة بقدر ما أتى به إلى وقت الإحصار؟ قولان، كما لو مات.
فرع آخر
لو لم يتحلل حتى فاته الحج، ثم دخل مكة فطاف وسعى وحلق، فما فعله بعد الفوات لا أجرة له لأنه للتحلل لا عن المحجوج عنه، وفيما فعله قبل ذلك إلى أن أحصر هل يستحق الأجرة؟ على ما مضى من القولين.
فرع آخر
لو فاته الحج بخطأ العدد يلزمه دم الفوات، والقضاء عند الفوات. وقال أبو حامد: يجيء على قياس ما ذكرنا في الأجير إذا أفد الحج أن لا يستحق الأجير ههنا شيئاً من الأجرة، لأن القضاء يلزمه كما في الإفساد. وقال القاضي الطبري: نص على هذا في "المناسك الكبير". ويفارق إذا أحصر يستحق الأجرة إلى أن أحصر، لأن الحبس من جهة غيره والفوات 191 / أ حصل بمعنى من جهته فافترقا.