ولم ينقل عنهم نقل اللحم من منى ومكة إلى سائر بقاع الحرم إذ المساكين يزدحمون في أيام النحر على هذين البقعتين اللتين هما محل النحر في العادة، فالمستحب الاقتداء في ذلك بالسلف، وإذا أراد التكفير بالمثل لا يعطيهم إياه إلا بعد الذبح، وهكذا سائر الهدايا، فإن دفع إليهم حياً لم يجز حتى ينحره في الحرم سواء أصاب الصيد في حل أو حرم، ثم ينظر بعدما دفع حياً فإن أعلمهم أنه هدي له استرجاعه، وإن استرجع ونحره يتخير بين دفعه إليهم أو إلى غيرهم ولا يتعينون بالدفع الأول إليهم، لأنه لم يتح موقع الأجزاء، وان لم يعلمهم ليس له الاسترجاع إلا أن يصدقوه، والقول قولهم مع اليمين.
قال القاضي الطبري: وسمعت بعض شيوخنا يقول: إن شاء فرق لحمه وإن شاء سلم المذبوح إلى ثلاثة منهم وملكهم إياه، وهكذا عملت أنا بمنى لأني رأيته أخفت وأقرب إلى التسوية بينهم فيها.
فرع
أقل ما يجزئه أن يفرقه عليهم ثلاثة نفر إن كان قادراً إن دفع إلى اثنين مع قدرته على الثالث كان ضامناً لذلك، لأنه دفع واجباً عليه إلى غير مستحقه، وفي قدر ضمانه وجهان:
أحدهما: يضمن الثلث مساواة بين جميعهم فيه.
والثاني: يضمن أقل ما يجزئ أن يعطي أحدهم من غير تقدير بالثلث، لأن المساواة بينهم والتفرقة لا تلزم.
فرع آخر
قال في "المناسك": يجزئه من فوره، فإن صدر من الحرم قبل أن يجزئه 211 / أ وجه من يجزئه في الحرم.
فرع آخر
إذا أراد أن يفرق الطعام. حكى ابن المرزبان عن ابن أبي هريرة أنه يطعم مداً كداً كما في سائر الكفارات، ويحتاج أن ينوي عند تفرقتة ذلك كما ينوي في الكفارة. وقد ذكرنا قبل هذا أنه لا يتعذر بمد ويجوز أقل منه ذكره في "الحاوي".
فرع آخر
ذكرنا في كيفية الصيام في جزا، الصيد. وقال طاوس والقاشاني: الاعتبار في الصوم بقدر ما يشبع الناس من الصيد، فإن كان الصيد مما يشبع منه واحد وجب على قاتله أن يصوم عنه يوماً، وان كان يشبع منه عشرة وجب على قاتله صوم عشرة أيام، وهذا غلط لأن قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} المائدة: 95 ما يقتضي ما ذكرنا.