أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "حرم إبراهيم مكة وإني حرمت المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها، ولا يختلى خلاؤها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد".
وروي علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "المدينة حرام ما بين عائر إلى ثور، وهما جبلان لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها ولا يختلى خلاؤها إلا رجل يعلف بعيره ". وأمّا ما ذكروه لا يصح، لأنه يجوز أن ينقل نقلًا خاصًا، وإن كان شرعًا ظاهرًا كالأذان والإقامة.
فرع آخر
لو خالف وقتل فيها صيدًا، قال في "الجديد": لا جزاء عليه. وبه قال مالك، لأنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام، فلا يضمن صيده كالعرج، وهو وادٍ بالطائف، وقرب اليمن.
وقال في "القديم ": يلزمه الجزاء فيه. وبه قال أحمد وابن أبي ذئب.
فرع آخر
إذا قلنا بقوله "القديم "، فالجزاء أن يسلب القاتل لما روي أن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه رأى رجلًا يصيد بالمدينة، فأخذ سلبه، وروي: فسلبه ثيابه، فجاءه مواليه فكلموه فيه، فقال: لا أرد طعمة أطعمنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "من وجدتموه يقتل صيدًا في الحرم، فاسلبوه، فإن أردتم ثمنه، فخذوه".
وروي أنه قال: هذا شيء طيّبه لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا أعطيه لأحد، ولكن خذوا من مالي ما شئتم. وروي أنه قال: واته لا أردها. ومن قال بقوله الجديد أجاب عن هذا بأن هذا كان في أول الإسلام حين كانت العقوبات بأخذ المال، 220/ أ ثم نسخ. وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجه جزاؤه مثل جزاء صيد مكة.
فرع آخر
إذا أخذنا سلبه، قال ابن المرزبان: يحتمل أن يقال: يكون للسالب للخبر الذي ذكرنا، وهو اختيار القاضي الطبري، ويحتمل أن يكون لفقراء المدينة كجزاء صيد الحرم في مكة لأهلها من الفقراء.
فرع آخر
إذا قلنا بالسلب، ففي حليته وزينته كالخاتم والطوق والسوار وجهان. وأمّا ثيابه وأفراسه للسالب وجهًا واحدًا حكمه حكم سلب الكافر إذا قتل مقتلًا في الحرب، ولو كانت عليه ثياب مغصوبة لا تؤخذ.