العرب الحمام في أشعارهم تشبيهًا بالناس، وكان الحمام عند العرب أشرف الطائر وأعلاه ثمنًا، وكانت تألف منازلهم، ويقولون: أعقل الطائر وأجمعه للهداية، وكانوا يستمتعون بأصواتها، وهدايتها، وكانت مع ذلك موكولة، فقالوا: فيها شاة لهذا المعنى.
فرع آخر
الشاة الواجبة في الحمام، هل وجبت توقيفًا أم من جهة المماثلة والشبه؟ فيه وجهان:
أحدهما: وهو المنصوص وجبت إتباعًا للأثر.
والثاني: وجبت من حيث الشبهة والمماثلة، لأن فيهما إنسا وألفًا ويعبّان في الماء عبًّا.
فرع آخر
في فرخ الحمام شاة صغيرة، هكذا ذكر أكثر أصحابنا، وهو المذهب. وقال في "الحاوي": فيه وجهان:
أحدهما: فيه شاة كما في أمه.
والثاني: فيه ولد شاة صغير راضع أو فطيم، يكون قدر بدنة من الشاة بقدر بدن الفرخ من أمه وهذان الوجهان مبنيان على اختلاف أصحابنا في الشاة الواجبة فيه، هل وجبت توقيفًا أم من طريق الشبه؟. وأما ما دون الحمام، كالقنابر والعصافير، ففيها قيمتها، ولا يتصدق بالقيمة بل يشتري بها طعامًا على ما ذكرنا وكذلك البلابل ونحوها.
وقال داود: لا يجب ضمانها، أن الله تعالى قال: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ} المائدة: 95، فدل على أن ما لا مثل له لا يضمن، وهذا غلط، لأن الله تعالى قال {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} المائدة: 95 وهذا صيد. وروي عن عمر رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنه 222/ أ، أنهما أوجبا الجزاء في الجراد. وروي أن مروان سأل ابن عباس عن الصيد يصيده المحرم ولا مثل له من النعم، فقال: عليه ثمنه يهدى إلى مكة، وأما الآية فلا حجة فيها، لأنا نقول في وجوب الجزاء بما له مثل، وليس فيها حكم بالأمثل له وعرفنا حكمه بدليل آخر.
فرع
قال في "الأم": والصرد طائر دون الحمام، ففيه قيمته. وروي أنه سأل عطاء عن ذلك، فقال: لا أدري هو أصغر من الحمام أو أكبر، فإن كان أكبر، ففيه شاة. قال الشافعي: وأنا رأيته، فهو أصغر من الحمام، وفيه قيمته، وقيل: الصرد من جوارح الطير يصطاد العصافير ذكره البندنيجي.