الثالث، واحتج الشافعي - رضي الله عنه - بأن الله تعالى سمى المعدودات والمعلومات باسمين مختلفين، فلا يقعان على أيام واحدة، لأنه لا خلاف أن يوم النحر من المعلومات، واليوم الثالث من أيام التشريق من المعدودات دون المعلومات، فوجب أن تكون كل أيام منها غير الأخرى، ولا يدخل بعض إحداهما من الأخرى كما أن اسم كل أيام غير الأخر، ثم ألزم نفه سؤالا فقال: فإن قيل: لو كانت المعلومات العشر لكان النحر في جميعها جائز، وأراد به أن الله تعالى حيث ذكر الأيام المعلومات جعلها وقتاً لذبح الأضحية والذبح، فقال: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} الحج:28، أي: يذبحوها، يقال: فلان ذكر اسم الله تعالى على شاته، أي: ذبحها، فلما لم يجز النحر في جميعها بطل أن تكون المعلومات فيها، ثم أجاب، فقال: يقال لهذا المعرض.
قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا (16)} نوح: 15 - 16 وليس القمر في جميعها، وإنما هو في واحدها أفيبطل أن يكون القمر فيهن نوراً كما قال الله تعالى؟ ولا يبطل ذلك، لأن القمر وإن كان في سماء واحدة، فهذه السماء من جملة السماوات السبع، فلذلك صح إضافة القمر إليهن أنه فيهن كذلك ذبح الأضحية، وإن كان في يوم واحد من المعلومات. وهذا اخرها صح أن يضاف ذلك إليها كلها.
وروي عن مالك أنه قال: المعلومات: ثلاثة أيام، أولها يوم النحر. 240/ب والمعدودات: ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وهي أيام التشريق، وهذا السؤال سؤال مالك في الحقيقة. وقال العنصري من أصحابنا: الذكر يقع في كلها في يوم النحر عند الذبح وقبلها عند سوق الهدي.
وقال بعض: أضاف إليها شهود المنافع والذكر معاً، فقال {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} الحج:28، فشهود المنافع التجارات قبل النحر والذكر يوم النحر، وقال أبو حامد: معناه الذبح في كلها يوم النحر الأضحية وقيل ذلك دماء الحج غير التطوح، والله أعلم.
باب نذر الهديمَسْأَلٌة: قالَ: والهدي من الإبل والبقر والغنم.
الفضل
اعلم أن الهدي اسم لما يهدى إلى الحرم تقرباً من النعم وغيرها من الأموال، إلا أنه عند الإطلاق اسم للنعم فمن نذر لله هدياً، وسمى شيئاً سوى النعم يلزمه أن يهدي ما سمي، وإن أطلقه في نذره، ففيه قولان:
أحدهما: قاله في "الجديد": يجب عليه أقل ما يجوز في الأضحية من النعم، وهو الثنية من الإبل والبقر والمعز أو الجذعة من الضأن، وهو الصحيح. وبه قال أحمد