(القاضي) الطبري: لو وجده قبل تفرقة لحم البدل، لم يلزمه تفرقته، ويحتمل أن يقال: يجب تفرقته كما إذا لم يجد ما يتطهر به، فصلى ثم وجد الطهور يتطهر ويصلي أيضًا، وكلاهما واجبان.
ومن أصحابنا من قال: لا يجب ذبحه بعدما ذبح البدل، وإنما ذكر الشافعي ذلك استحباباً. والمذهب الأول لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها حجت فأهدت بدنتين فضلتا، فبعث ابن الزبير بهديتين إليها فنحرتهما. ثم عاد الضالان فنحرتهما، وقالت: هذه سنة الهدي، وروي: فاشترت مكانهما هديين فقلدتهما، ثم وجدت الأوليين، فنحرت أربعتهن، فكانت كلما حجت بعد ذلك أهدت أربعاً من البدن، وعلى هذا قال في "الحاوي": لو ضل الهدي سائقه المحرم ابتداء حتى خرجت أيام التشريق فهل عليه مثله بدلاً أم لا؟ على قولين: أحدهما.
قال في "القديم ": عليه بدله، لأن ضلاله بتفريط من سائقه. والثاني: لا يكون عليه بدله كما لو مات، وعلى هذا لو أبدله ثم وجده نحره.
فَزعٌ أخرُ
لو عين أفضل مما عليه مثل أن يعّين عن الشاة بدنة أو بقرة، ثم غاب، فعادت إلى ملكه، هل يجب عليه ما كان في ذمته أو مثل ما عين؟ وجهان:
أحدهما: مثل ما عين في ذمته أوجب الفضل بتعيينه.
والثاني: يجب ما كان في ذمته، وهو الصحيح، لأن التعيين بطل، فرجع إلى ما في ذمته. ومن أصحابنا من قال: إن فرط يلزمه مثل الذي عين، لأن الفضل لزمه بالتعيين، وإن لم يفرط، ففيه وجهان على ما ذكرنا 245/ب.
وقال بعض أصحابنا: قال الشافعي في "الجدد": يجب ما كان في ذمته. وقال في "القديم": أخرج وتصدق بالفضل وليس بشيء.
فَزعٌ أخرُ
هل له أن يشرب من لبن الهدي؟. قال في "الأوسط ": ليس له أن يشرب من لبن الهدي إلا بعد ري فصيلها، وكذلك ليس له أن يسقي أحداً. وقال في مواضع آخر: إن كان لبنها وفق حاجة الفصيل لم يشرب شيئاً، وإن فضل عنه، أو لم يكن لها فصيل أحببت أن يتصدق به على المساكين، فإن شربه جاز.
وقال القفال: هذا في التطوع، وفي الواجب هل يجوز شرب لبنها؟ وجهان، وهذا خلاف المنصوص، فإن قيل: إذا لم يجز له أن يأكل النتاج وجب أن لا يجوز له شرب اللبن، لأن كليهما بمائه. قيل: الفرق أن اللبن يتخلف بخلاف الولد، ولأن تبقية اللبن في الضرع يضر بالهدي وحمله وحلبه إلى مكة لا يمكن، فأبيح له شربه.
وقد روي أن علي بن أبي طالب - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يسوق بدنة ومعها ولدها، فقال: لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها، فإذا كان يوم النحر، فاذبحها وولدها.