والوجه الثاني: أن يحكم بموجب الدعوى فعلى هذا يكون لمدعي التقدم النصف بغير يمين؛ لأن مدعي الاجتماع يعترف به له وهما متنازعان في النصف الباقي وقد تساويا فيه، فوجب أن يتحالفا عليه، فإن حلف أحدهما، ونكل الآخر جعلناه للحالف، وان حلفا معاً جعلناه بينهما، فيصير لمدعي التقدم ثلاثة أرباعه، ولمدعي الاجتماع ربعه، والله أعلم.
مسألة:
قالُ الشّافِعيِ رحمهُ اللهُ تعالى:" ولوْ رمّاهُ الأول ورّماهُ الثّاني ولم يُدِرُّ أبلغ بِهِ الأول أن يُكوِّن مُمتنِعا أوْ غيْر مُمتنِعِ جعلناهُ بيْنهُما نِصفيْنِ".
قال في الحاوي: وصورتها صيد رماه اثنانء فأصاباه، ووجد ميتاً بعد إصابتهما فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يعلم حال الراميين، ويعلم صفة الرميتين، والعلم بحال الراميين أن يعلم هل اجتمعا عليه، أو افترقا، ويعلم إذا افترقا أيهما كان أولاً وآخراً.
والعلم بصفة الرميتين، أن يعلم هل كان إثباته بالأولى أو بالثانية، أو بهما وهذا الضرب قد ذكرنا حكمه، فلم يحتج إلى إعادته.
والثاني: أن يشكل حال الراميين، ويثكل صفة الرميتين، فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون الإشكال في الراميين، هل أصاباه معاً أو تقدم أحدهما على الآخر، فيجري عليه في الملك حكم الاجتماع، ويكون بينهما نصفين؛ لتساويهما فيه، وهل يجري عليه في الذكاة والإباحة حكم الاجتماع أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: يجري عليه حكم الاجتماع، فيكون ذكياً مباحاً إلحاقاً بحكم الملك.
والثاني: أنه يجري عليه في الذكاة والإباحة حكم الافتراق، فيحرم أكله، وإن جرى عليه في الملك حكم الاجتماع؛ لأن الأصل في أكله الحظر، فلو نبحه إلا بيقين، وقد يجوز أن يتقدم أحدهما على الآخر، فيحرم، ويجوز أن يجتمعا عليه فيحل فوجب أن يغلب فيه حكم التحريم.
والثاني: أن يعلم التقدم، ويقع الإشكال في المتقدم، فهذا على ثلاثة أضرب:
أحدها: أن يعلم صفة الرمي، ويشكل المتقدم بالرمي.
والثاني: أن يعلم المتقدم بالرمي، وتشكل صفة الرمي.
والثالث: أن يشكل المتقدم بالرمي، وتشكل صفة الرمي.
فأما الضرب الأول، وهو أن يعلم صفة الرمي، ويشكل المتقدم بالرمي، فهذا الإشكال في الملك دون الإباحة، فإن كان صفة الرمي لا تبيح الأكل، فالإشكال في