والثاني: أنها صلاة الفرض واستقبال القبلة فيها بنحر، قاله أبو الأحرص.
والثالث: أن الصلاة: الدعاء والنحر: الشكر، قاله بعض المتأخرين والأول أظهرها.
فهذه أربع آيات من كتاب الله تعالى تدل على الأمر بالضحايا والهدايا.
وأما السنة، فما رواه الشافعي في أول الكتاب عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بكبشين أملحين.
وفي الأملحين ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنه الأبيض الشديد البياض وهذا قول ثعلب.
والثاني: أنه الذي ينظر في سواد ويأكل في سواد، ويمشي في سواد وباقيه بياض، وهذا قول عائشة رضي الله عنها.
والثالث: أنه الذي بياضه أكثر من سواده على الإطلاق، وهذا قول أبي عبيد وفي قصد أضحيته بالأملح وجهان:
أحدهما: ما لحسن منظره.
والثاني: لشحمه وطيب لحمه، لأنه نوع متميز عن جنسه.
وروى أبو سعيد الزرقي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبش أدغم قال ابن قتيبة: والأدغم من الكباش ما أرنبته وما تحت حنكه سواد وباقية بياض. وروى أبو رملة عن مخنف بن سليم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "على كل مسلم في كل عام أضحية عتيرة"، والعتيرة ذبيحة كانت تذبح في رجب، كما تذبح الأضحية في ذي الحجة، فنسخت العتيرة وبقيت الأضحية.
وروى الشافعي عن سفيان عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا فرعة ولا عتيرة" قال الشافعي: والفرعة في كلام العرب أول ما تنتج الناقة، يقولون: لا يملكها ويذبحها رجاء البركة في لبنها وكثرة نسلها.
فإذا ثبت أن الضحايا مأمور بها، فقد اختلف الفقهاء في وجوبها على ثلاثة مذاهب:
أحدها: وهو مذهب الشافعي، أنها سنة مؤكدة، وليست بواجبة على مقيم ولا مسافر، وهو قول أكثر الصحابة والتابعين.