الإبل حل، وإن نحر ما يذبح من البقر والغنم حرم، والدليل على جواز الأمرين قول الله تعالى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} المائدة: 3 ولم يخص. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الذكاة في الحلق واللبة". فكان على عمومه، ولأن الذبح قطع الحلقوم والمريء من أعلاهما والنحر قطع الحلقوم والمريء من أسفلهما فاستوى حكم قطعهما في المحلين؛ ولأن ما حل بالذبح حل بالنحر كالإبل؛ ولأن ما حلت به الإبل حلت به البقر كالذبح، فأما إذا قطع ما فوق الحلقوم والمريء في الرأس وما دون الحلقوم والمريء من الجوف لم تحل وإن وحى فصار كقطعهما باثنين.
مسألة:
قَالُ الشَّافِعِيِ:" قَالُ عُمَرِ وَاِبْنَ عباسِ: الذكاه فِي الْحلْوِ وَاللَّبَّةِ وَزادَ عُمَرِ: وَلَا تَعَجَّلُوا الأنفس أَنْ تَزْهَقَ وَنُهًى عَنْ النُّخُعِ "
قال في الحاوي أما قوله: الذكاة في الحلق واللبة فقد رواه الشافعي عن عمر وابن عباس ورواه غيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس يمتنع أن يكون مسنوناً عن الرسول، ومأثوراً عن الصحابة، وقد مضى حكم الذكاة في الحلق واللبة وأما ما رواه الشافعي عن عمر أنه قال: "لا تعجلوا الأنفس أن تزهق".
فالزهق: الإسراع، والمراد به إسراع خروج النفس، ومنه قوله تعالى: {وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ} التوبة: 55 وفي المراد بنهي عمر عنه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يقطع أعضاء الذبيحة قبل خروج نفسها ليتعجل أكلها كالذي كانت تفعله الجاهلية.
والثاني: أن يعجل سلخها قبل خروج نفها ليتعجل أكلها.
والثالث: أن يمسكها بعل الذبح حتى لا تضطرب ليتعجل خروج روحها كاليهود، وهذه الثلاثة لا تمنع من الإباحة لوجودها بعد الذكاة، وأغلظها في الكراهة قطعها ثم سلخها ثم إمساكها، وإن لم يحرم الأكل بواحد منها، وأما نهي عمر - رضي الله عنه - عن النخع فقل روي عنه أنه قال: "لا تنخعوا ولا تفرسوا" فأما النخع ففيه وجهان:
أحدهما: أنه كسر العنق في قول الشافعي.
والثاني: كسر عظم الرأس في قول أبي هريرة.
والثالث: أن يبالغ في القطع حتى يصل إلى قطع النخاع وهو عرق في الصلب يمتد إلى القفا وهذا قول أبي عبيدة.
وأما الفرس ففيه وجهان:
أحدهما: أنه كسر العظم.