أحدهما: في حق الله تعالى بالعتق إذا أوجبه على نفسه في عبد لم يكن له أن يبدله بغيره.
والثاني: حق الآدميين في البيع إذا باع عبداً لم يكن له أن يبدله بغيره.
وأما الجواب عن استدلالهم بأنها لما لم تصر ملكاً للفقراء دل على بقائها على ملكه فمن وجهين:
أحدهما: أن حق الفقراء قبل الذبح كحقهم فيها بعده فلم يلم الاستدلال.
والثاني: أن بطلانه بالوقف لأنه خرج عن ملكه ولم يصر ملكاً لغيره.
مسألة:
قَالُ الشَّافِعِيِ رحمَهُ اللَّهُ:" وَإِنَّ بَاعَهَا فَالْبَيْعَ مفسوخ".
قال في الحاوي: وهذا صحيح؛ لأن إيجابها إذا أوجب زوال ملكه عنها بطل بيعها إن باعها، وكذلك لو باعها للمساكين؛ لأنهم فيها غير معنيين، فإن استبقى عينها وباع نماءها بطل بيع النماء كبطلان بيع الأصل؛ لأنه ملحق بأصله، وسواء كان النماء نتاجاً أو لبناً أو صوفاً، فإن وهب النماء صحت هبة اللبن والصوف، ولم تصح هبة النتاج، لما يلزم من نحره والتقرب بإراقة دمه.
وكما لا يجوز بيعها فكذلك لا يجوز رهنها؛ لأن مقصود الرهن بيعه في الدين فإن أجر ظهورها لم يجز؛ لأن الإجارة معاوضة على منافعها والمنافع تبعاً للأصل، وان أعار ظهرها جاز؛ لأن العارية إرفاق يجوز في لحمها فجازت في منافعها.
فصل:
فلو ركبها المستعير ضمنها دون المعير، ولا يضمن أجرتها المستعير ولا المعير، ولو ركبها المستأجر فتلفت ضمن قيمتها للمؤجر دون المستأجر وضمن أجرتها المستأجر دون المؤجر، وفي قدر ما يضمنه من الأجرة وجهان:
أحدهما: وهو لأظهر أنه يضمن أجرة مثلها كضمانها عن إجارة فاسدة.
والوجه الثاني: وأشار إليه ابن أبي هريرة أنه يضمن أكثر الأمرين من أجرة المثل أو المسمى؛ لأن فيها حقاً للمساكين قد التزم لهم ما سماه من الزيادة في هذه الأجرة وجهان:
أحدهما: أنه يسلك بها مسلك الضحايا كالأصل.
والثاني: أنها تصرف إلى الفقراء خاصة؛ لأن حقوق الضحايا في الأعيان دون النذور.
فأما إذا اشترى شاة وأوجبها أضحية ثم وجد بها بعد الإيجاب عيباً لم يردها لفوات