المضحي وجب على المضحي أن يعرف القيمة في شراء مثلها في جنسها من بقر أو غنم، وفي نوعها من ضأن أو معز وفي سنها من جذع أو ثني، فلو كانت الأضحية ثنية من المعز لم يجز أن يشري جذعة من الضأن، وان كانت خيراً منها لتعين حق المساكين في نوعها وسنها، وإذا كان كذلك لم يخل حال القيمة من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن تكون ثمناً لمثلها من غير زيادة ولا نقصان فعليه أن يشتري به مثلها ولا يلزمه إيجابها بعد الشراء؛ لأنه بدل من واجب لا ملك له فيها، ونظر في الشراء فإن كان اشتراها بعين القيمة المستحقة صارت أضحية بنفس الشراء، وان لم ينو بها الأضحية، وان اشتراها في الذمة نوى بالشراء أنها أضحية لا يحتاج بعده إلى إيجاب وان لم ينو بالشراء أنها أضحية أوجبها بعد الشراء، أضحية لا في حق نفسه؛ لأنه لا يملكها ولكن في حق أهل الضحايا؛ لأنها بدل عن أصل قد استحقوه.
فصل:
والقسم الثاني: أن تكون القيمة أكثر من ثمن مثلها فعليه أن يصرف القيمة في الأضاحي لأنها مستحقة لأهلها فيشري منها واحدة مثلها، وفيما يشتريه بباقي القيمة وجهان محتملان:
أحدهما: في أمثالها، ولا يعدل عن مثلها إلى غيرها؛ لأن مصرف جميعها واحد.
والثاني: أنه يصرفه فيما هو الأحظ لأهل الضحايا من ذلك الجنس أو غيره؛ لأن الزيادة بعد حصول المثل كالابتداء بالأضحية، وإذا كان كذلك نظر في الزيادة فإن كانت ثمناً للأضحية كاملة أو أضحيتين اشترى بها ما أمكن من الضحايا الكاملة ولا يجوز أن يشتري ما لا يجوز من الضحايا، وان نقصت الزيادة عن ثمن أضحية كاملة قال الشافعي: يسلك بها مسلك الأضحية، فاختلف أصحابه في مراده فيما يصنع بها على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يشتري بها سهماً من أضحية اعتباراً بالأصل.
والثاني: أنه يشتري بها لحماً لتعذر الشركة في الحيوان، فعدل به إلى اللحم المقصود.
والثالث: تصرف زيادة دراهم بحالها؛ لأنها تلاقي التصرف أصلاً، فجاز فيه من القيمة ما لم يجز في الأصل، كمن وجبت عليه جذعة في الزكاة فأعطى قيمتها لم تجز؛ ولو أعطى عنها حقه ودفع عشرين درهماً عن نقص الحق أجزأ.
فإن قلنا: إنه يصرف ذلك في سهم من أضحية كان في ذلك السهم كأهل الضحايا. وان قلنا: إنه يشتري به لحماً أو يصرفه ورقاً ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يسلك به مسلك الضحايا ويكون فيه بمثابتهم.
والثاني: أنه يختص به الفقراء، ولا يجوز أن يشاركهم فيه كما لو عطبت عليه بدنة من الهدي ذبحها ولم يأكل منها شيئاً، وان كانت لو سلمت جاز له أن يأكل منها حسماً.