بينهما بجنس التيمم, وقد نص عليه في "الأم" وهو الصحيح, وقصد الشافعي لا يؤدي بهما تيمم واحد. كما قال أبو حنيفة: ولا يؤدي إلى قطع الموالاة لأنا لا نأمره في الصلاة الثانية بالاستقصاء في الطلب كما نأمره في الأولى, بل يكفيه من الطلب أن ينظر يمنة ويسرة هل يرى أحدًا أو أثرًا, ثم يتيمم بضربتين. وهذا كما نأمره بالإقامة للصلاة الثانية ولا يقع بها الفصل والتراخي, وهذا لأن كل هذا من مصلحة الجمع فلا يؤثر فيه, فإن قيل: هلا سقط فرض الطلب الثاني ولا يطع في الماء؟ قلنا: قال في"الأم": لا ييئس منه بكل حال, فقد يطلع الركب والسبيل. وقال بعض أصحابنا بخراسان: هل يجب الطلب الثاني؟ وجهان: أحدهما: لا يجب لأنه 158 أ/1 لا يفيد, والثاني: يجب تعبدًا, وهكذا لو كان في بادية لا يوجد الماء في مثلها غالبًا, هل يجب الطلب؟ وجهان, وهذا خلاف المنصوص, وعندي أنه إذا تحقق ذلك تبينًا لا يلزمه الطلب, لأنه عبث, وقد يتحقق عدمه بأن يخبره جماعة عدول: أنا طلبنا الماء فلم نجده, وقيل: لو أمر غيره. حتى طلب له الماء فلم يجد, هل يباح له التيمم؟ وجهان مبنيان
على ما لو أمر غيره أن ييممه هل يجوز؟ وجهان. وكذلك لو طلب الماء فلم يجب فتيمم وصلى, ثم دخل عليه وقت فريضة أخرى وهو في موضعه, ولم تحدث الأمارة تدل على الماء, هل يجب الطلب؟ وجهان. وقال القفال: هل يجوز الجمع بين صلاة منذورة وصلاة شرعية؟ قولان بناء على القولين في المنذورة, هل يسلك بها مسلك ما ورد به الشرع أو يسلك بها مسلك النوافل؟ ففيه قولان: وهل تجوز المنذورة قاعدًا مع القدرة على القيام؟ قولان مخرجان. وأصل القولين أنه يجب. بمطلق النذر أقل ما هو واجب بأصل الشرع, أو ما يقع عليه اسم الصلاة, قولان. وكذلك لو نذر عتق رقبة هل يجوز الذمة فيه؟ قولان. وكذلك الحج المنذور هل يخرج من رأس المال أو من الثلث إذا أوصى به؟ قولان.
فإذا تقرر هذا ففي لفظ المزني إشكال, وذلك أنه قال: 158 ب/1 ويحدث لكل فريضة طلبًا للماء وتيمًا بعد الطلب الأول, وفيه تقديم وتأخير, أي ويحدث بكل فريضة طلبًا للماء بعد الطلب الأول ويتمها فيعقب كل بطلب, وكل طلب بتيمم. واحتج الشافعي على أبي حنيفة بظاهر الآية, وهو أن الله تبارك وتعالى أمر كل قائم إلى الصلاة بالتيمم, فإن قيل: لا يصح هذا الاستدلال لأنه رتب التيمم على الوضوء, ولا يلزمه الوضوء لكل صلاة. قيل: ظاهر الآية يوجب ذلك في الوضوء أيضًا, إلا أنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ لكل صلاة إلى يوم حنين, فجمع يومئذ بين صلوات بوضوء واحد, فسأله عمر- رضي الله عنه- عن ذلك متعجبًا فقال صلى الله عليه وسلم: "عمدًا فعلت يا عمر" أي ليعلموا أنه يجوز, فبهذا تركنا ظاهره, واحتج بقول ابن عباس على ما