يجدها بعد أيام التشريق ولا يجدها في أيام التشريق لزمه بدلها في أيام التشريق، ولم يجز أن ينتظرها بعد فوات زمانها، فإذا وجدها بعد فوات الزمان أن يضحي بها فيصير بالتفريط ملتزما بالأضحيتين، وان ضلت بغير تفريط منه في حفظها فلا تخلو من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن تضل قبل أيام التشريق وهي مسألة الكتاب فلا ضمان عليه؛ لأنها في يده أمانة لا تضمن إلا بالعدوان.
ولأنه ليس ضلالها بأكثر من موتها وهو لا يضمنها بالموت فأولى أن لا يضمنها بالضلال ثم ينظر، فإن كان لطلبها مؤونة لم يجب عليه طلبها، وان لم يكن في طلبها مؤونة وجب عليه طلبها، لأنه مؤتمن عليها في حقوق المساكين، وان ضلت بتفريط كان عليه طلبها بمؤونة وغير مؤونة.
والحالة الثانية: أن تضل منه بعد أيام التشريق فعليه ضمانها؛ لأن تأخير نحرها تفريط منه يوجب عليه الضمان إلا أن يؤخرها العذر فلا يضمن.
والحال الثالثة: أن تضل منه في أيام التشريق بعد مضي بعضها وبقاء بعضها فعمل يكون ذلك تفريطا منه يلتزم به ضمانها أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا يكون تفريطا لبقاء زمان النحر وجواز تأخيرها إليه فلم يفرط فيه، فعلى هذا لا يضعفها ولا يلزمه طلبها إن كان له مؤونة.
والثاني: أنه يكون تفريطا منه، لأن نحرها بدخول الزمان مستحق وتأخيره رخصة كتأخير الحج بعد وجود الزاد والراحلة مباح، فلو مات قبل أدائه كان فرضه مستقرا فعلى هذا يضمنها ويلزمها طلبها بمؤونة وغير مؤونة.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولو وجدها وقد مضت أيام النحر كلها صنع بها كما يصنع في النحر كما لو أوجب هديها العام وأخرها إلى قابل وما أوجبه على نفسه لوقت ففات الوقت لم يبطل الإيجاب".
قال في الحاوي: إذا وجد الأضحية الضالة لزمه نحرها سواء كان قد ضمنها بالتفريط أو لم يضمنها، لخروجها بالإيجاب عن ملكه، فإن كانت أيام النحر باقية نحرها إجماعاً وكانت أداء لا قضاء، وان نقصت أيام النحر نحرها في الحال ولم يؤخرها إلى انتظار مثلها في العام المقبل، ولا يجوز أن يدفعها إلى المساكين في الحياة حتى ينحرها.
وقال أبو حنيفة: إن كانت واجبة دفعها في الحياة إلى المساكين ولم ينحرها، وان كانت مسنونة بطل إيجابها وعادت بفوات الوقت إلى ملكه.