رب الطعام كانت نفسه هدراً لا تضمن بقود ولا دية، لأنه مقتول بحق 0 كمن طلب نفس إنسان، فقتله المطلوب دفعاً كانت نفسه هدراً، وإن كان التالف المضطر كانت نفسه مضمونة على رب الطعام، لأنه قتل مظلوماً ثم نظر فإن علم رب الطعام بضرورة المضطر ضمنه بالقود 0 وإن لم يعلم بضرورته بالدية؛ لأنه مع العلم بها عامد 0 ومع الجهل بها خاطئ والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولو وجد المضطر ميتة وصيداً وهو محرم أكلل الميتة ولو قيل يأكل الصيد ويفتدي كان مذهباً. قال المزني رحمه الله: الصيد محرم لغيره وهو الإحرام ومباح لغير محرم والميتة محرمة لعينها لا لغيرها على كل حلال وحرام فهى أغلظ تحريماً فإحياء نفسه بترك الأغلظ وتناول الأيسر أولى به من ركوب الأغلظ بالله التوفيق ".
قال في الحاوي: مقدمة هذه المسألة أن يذكر ما يستبيحه المضطر من أكل المحرمات إذا انفردت ثم يذكر حكمها في حقه إذا اجتمعت، فإذا وجد المضطر صيداً، وهو محرم حلّ له أكل الصيد، لضرورته في إحياء نفسه كالميتة التي يستبيح أكلها بالضرورة، وإن حرمت عليه إذا أكل الصيد أن يفديه بالجزاء؛ لأن الضرورة لا تمنع من وجوب الجزاء؛ لأنها فيه، وليست في الصيد، وهو من حقوق الله تعالى، التي يستوي فيها العامد والخاطئ، وفي قدر ما تستبيحه من أكله قولان كالميتة:
أحدهما: قدر إمساك الرمق.
والثاني: قدر الشبع، ولو كان ما وجده المحرم المضطر صيداً مقتولاً أكل منه، ولم يضمنه بالجزاء سواء ضمنه قاتله أو لم يضمنه؟ لأن ضمان الصيد على المحرم مستحق بالقتل دون الأكل، وذا كان غير ضامن لجزائه، نظر، فإن كان قاتل الصيد محلاً، فهو ذكي مملوك، فيضمن المضطر قيمة ما أكل لمالكه، وان كان قاتله محرماً، فهل يكون ميتة أو مذكى؟ فيه قولان:
أحدهما: يكون ميتة كالذكاة المجوسي، فعلى هذا لا يجب على المضطر قيمة ما أكل؛ لأنه لا قيمة للميتة.
والثاني: يكون مذكى يحرم على المحرم، ويحلّ لغيره، فعلى هذا من ضمان المضطر لقيمة ما أكل وجهان من اختلاف القولين هل يستقر للمحرم عليه ملك أم لا؟ أحد الوجهين لا ضمان عليه إذا قيل: إن المحرم لم يملك.
والثاني: عليه الضمان، إذا قيل إنه يملك.