يتوسطهما، وعدل إلى يمين أو يسار جاز وان أساء إذا تراضيا به المستبقان، فإن لم يتراضيا إلا بأن يجري فرسه بينهما منع من العدول عن توسطهما إلى يمين أو يسار، لأنه تبع لهما، فكان أمرهما عليه أمضى، فإن رضي أحدهما بعدوله عن التوسط ولم يرض به الأخر فالقول قول من دعا إلى التوسط دون الانحراف، لأنه أعدل بينهما وأمنع من تنافرهما، فإن رضيا بانحرافه عن التوسط بينهما، ودعا أحدهما إلى أن يكون متيامناً، ودعا الأخر إلى أن يكون متياسراً لم يعمل على قول واحد منهما، وجعل وسطاً بينهما، لأنه العال المقصود والعرف المعهود، وهذا حكم موضع المحلل. فأما المستبقان فإن اتفقا على المتيامن منهما والمتياسر حملا على اتفاقهما وإن اختلفا فيه يقرع بينهما وأوقف كل واحد منهما في موضع قرعته من يمين أو شمال.
فصل:
وإذا استقرت بينهما مع المحلل في الجري، فيختار أن يكون في الموضع الذي ينتهي إليه السبق، وهو غاية المدى قصب قد غرزت في الأرض تسميها العرب قصب السبق، ليحوزها السابق منهم. فيقلعها حتى يعلم بسبقه الداني والقاضي، فيسقط به الاختلاف، وربما كر بها راجعاً يستقبل بها المسبوقين إذا كان مفضلاً في السبق متباهياً في الفروسية، وإذا كان كذلك فللمتسابقين والمحلل سبعة أحوال:
إحداها: أن ينتهوا إلى الغاية على سواء لا يتقدمهم أحدهم: فليس فيهم سابق ولا مسبوق، فيجوز كل واحد من المتسابقين سبق نفسه، ولا يعطي ولا يأخذ ولا شي للمحلل لأنه لم يسبق.
والثانية: أن يسبق المخرجان، فيصلا معاً على سواء، ويتأخر المحلل عنهما فيجوز كل واحد من المخرجين سبق نفسه لاستوائهما في السبق ولا شيء للمحلل لأنه مسبوق.
والثالثة: أن يسبق المحلل، ويأتي المخرجان به بعده على سواء أو تفاضل، فيستحق المحلل سبق المخرجين لسبقه لهما.
وهذه الأحوال الثلاثة ليس يختلف فيها المذهب.
والرابعة: أن يسبق أحد المخرجين ثم يأتي بعده المحلل والمخرج الآخر على سواء، فيجوز السابق سبق نفسه، فأما سبق المسبوق فمذهب الشافعي أن يكون للسابق، ويؤخذ به إن كان مسبوقاً، وقد حصل السبق لغيره، فوجب أن يكون أحق يأخذه، فيكون جميعه للمخرج السابق.
وعلى مذهب أبي علي بن خيران أن دخول المحلل ليأخذ ولا يؤخذ به، يكون سبق المتأخر من المخرجين مقراً عليه، لا يستحقه السابق من المخرجين لأنه يعطي ولا يأخذ، ولا يستحقه المحلل، لأنه لم يسبق.
والخامسة: أن يسبق المحلل وأحد المخرجين على سواء، يجوز السابق من