مسألة:
قال الشافعي: "فإذا سبق أحدهما صاحبه وجعلا بينهما قرعاً معلوماً فجائز أن يشترطا محاطة أو مبادرة".
قال في الحاوي: اعلم أن عقد الرامي معتبر بعشرة شروط:
أحدها: أن يكون الراميين متعينين، لأن العقد عليهما والمقصود به حذفهما، فإن لم يتعينا بطل العقد سواء وصفا أو لم يوصفا كما لو أطلق في السبق الفرسان، فإن لم يتعينا كان باطلاً، ولا يلزم تعيين الآلة، ولكل واحد منهما أن يرمي عن أي قوس شاء، وبأي سهم أحب، فإن عينت الآلة لم يتعين وبطلت في التعيين، فإن قيل: فيرمي عن هذين القوسين لم يؤثر في العقد جاز لهما الرمي عنهما، وبغيرهما وإن قيل: على أن لا يرمي عن هذين القوسين كان العقد فاسداً، لأنه على الوجه الأول صفة، وعلى الوجه الثاني شرط.
فصل:
والشرط الثاني: أن يكون عدد الرمي معلوماً، لأن العمل المعقود عليه ليكون غاية رميهما فيه منتهياً إليه، ويسمى الرشق: يقال بفتح الراء وبكسرها فالرشق بفتح الراء هو الرمي، والرشق بكسر الراء عدد الرمي، وعرف الرماة في الرمي أن يكون من عشرين إلى ثلاثين فإن عقد له على أقل منها أو أكثر جاز.
فصل:
والشرط الثالث: أن يكون عدد الإصابة الرشق معلوماً ليعرف به الناضل من المنضول، وأكثر ما يجوز أن يشترط فيه الإصابة، فأنقص من عدد الرشق المشروط بشيء وإن قل ليكون متلافياً للخطأ الذي يتعذر أن يسلم منه المتناضلان فقد قيل: إن أحذق الرماة في العرف من أصاب من العشرة ثمانية، فإن شرط إصابة الكل من الكل بطل، لتعذره في الأغلب، وإن شرطا إصابة ثمانية من العشرة جاز، فإن شرطا إصابة تسعة من العشرة، ففيه وجهان:
أحدهما: يجوز لبقاء سهم الخطأ.
والثاني: لا يجوز لأن إصابته نادرة.
فأما أقل ما يشترط في الإصابة فهو ما يحصل فيه القاصد وهو ما زاد على الواحد، وقد نص الشافعي في كتاب الأم على مسألة، فقال: "فلو تناضلا على أن الرشق عشرة والإصابة من تسعة لم يجز" واختلف أصحابنا في تأويلها على وجهين:
أحدهما: تأويلها أن يشترط إصابة تسعة من عشرة فيبطل على ما ذكرناه من أحد