قال في الحاوي: وهذا صحيح يريد باسلبق المال المخرج في العقد، فلا يصح معه العقد حتى يكون معلوماً من وجهين إما بالتعيين كاستباقهما على عين شاهد، وإما بصفة كاستباقهما على مال في الذمة؛ لأنه من عقود المعاوضات كالبيع والإجارة، فإن تسابقا على ما ينفقان عليه أو على ما يحكم به زيد كان باطلاً للجهالة به عند العقد.
ولو تسابقا وتناضلا على مثل ما يسابق أو يناضل به زيد وعمرو، فإن كان ذلك بعد علمهما بقدره صح، وإن كان قبل علمهما بقدره بطل، ولو كان لأحدهما في ذمة الآخر قفيز من حنطة، فتناضلا عليه، فإن كان القفيز مستحقاً من سلم لم يصح لأن المعاوضة على السلم قبل قبضه لا تصح، وإن كان عن غصب صحّ، لأن المعاوضة عليه قبل قبضه تصح، وان كان من قرض، فعلى وجهين من الوجهين في صحة المعاوضة عليه قبل قبضه ولو تناضلا على دينار إلا دانقاً صحّ، ولو تناضلا على دينار إلا درهماً لم يصح، لأن يكون بالاستثناء من جنسه معلوماً، وبالاستثناء من غير جنسه مجهولا، ولو تناضلا على دينار معجل وقفيز حنطة مؤجل صح، لأنه على عوضين حال ومؤجل، ولو تناضلا على أن يأخذ الناضل ديناراً ويعطى درهماً لم يجز لأن الناضل من شرطه أن يأخذ ولا يعطي، ولا تناضلا على دينار بذله أحدهما فإن نضل دفعه، ولم يرم أبداً أو شهراً كان العقد فاسداً، لأنه قد شرط فيه الامتناع، وهو مندوب إليه، فبطل وإذا تناضلا وقد فسد العقد بما ذكرنا، فنضل أحدهما، فإن كان الناضل باذل المال، فلا شيء على المنضول، وان كان الناضل غير الباذل ففي استحقاقه لأجرة مثله على الباذل وجهان على ما مضى.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو اشترط أن يطعم أصحابه كان فاسداً".
قال في الحاوي: قد ذكرنا أن مال السبق يملكه الناضل، ولا يلزمه أن يطعمه أصحابه، فإن شرط عليه في العقد أن يطعمه أصحابه، ولا يملكه كان الشرط فاسداً لأنه ينافي موجب العقد، وفي فساد العقد به وجهان:
أحدهما: وهو الظاهر مذهب الشافعي أن العقد يفسد بفساد الشرط كالبيع.
والثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي، وبه قال أبو حنيفة أن العقد صحيح لا يفسد بفساد هذا الشرط، لأن نفعه لا يعود على مشترطه وكان وجوده كعدمه.
مسألة:
قال الشافعي: "وقد رأيت من الرماة من يقول صاحب السبق أولى أن يبدأ والمسبق لهما يبدئ أيهما شاء ولا يجوز في القياس عندي إلا أن يتشارطا".
قال في الحاوي: أما اشتراط الابتداء فهو معتبر في الرمي دون السبق لأنهما في