(الراميين) للجهل به.
ويقال: سهم "خاطف" وهو المرتفع، في الهواء ثم يخطف نازلاً، فإن أخطأ به كان محسوباً عليه؛ لأنه من سواء رميه، وإن أصاب به، ففي الاحتساب به وجهان:
أحدهما: يحتسب به من إصابته لحصوله برميه.
والثاني: لا يحتسب به من الإصابة لأن تأثير الرمي في إيقاع السهم فأما سقوطه فلثقله، فصار مصيباً بغير فعله، فعلى هذا هل يحتسب من خطئه أم لا؟ على وجهين:
أحدها: يحتسب به من خطئه لأنه إذا لم يكن مصيباً كان مخطئاً.
والثاني: لا يحتسب به من الخطأ؛ لأن ما أخطأ، وأسوأ أحواله إن لم يكن مصيباً أن لا يكون مخطئاً.
والصحيح عند من ذلك: أن ينظر نزول السهم خطأ بعد ارتفاعه، فإن انحط فاتراً لحدة لا يقطع مسافة احتسب عليه خاطئاً، وإن نزل في بقية حدته جارياً في قطع مسافته احتسب له صائباً، لأن الرمي بالفتور منقطع وبالعدة مندفع.
مسألة:
قال الشافعي: "وإذا كان رميهما مبادرة فبلغ تسعة عشر من عشرين رمى صاحبه بالسهم الذي يراسله ثم رمى البادئ فإن أصاب سهمه ذلك فلج عليه وإن لم يرم الآخر بالسهم لأن المبادرة أن يفوت أحدهما الآخر وليس كالمحاطة. قال المزني رحمه الله: هذا عندي لا ينضله حتى يرمي صاحبه بمثله".
قال في الحاوي: قد ذكرنا أن الرمي ضربان: محاطة، ومبادرة.
وقد مضت المحاطة، وهذه المبادرة، وصورتها: أن يتناضلا على إصابة عشرة من ثلاثين مبادرة، فيكون الرشق ثلاثين سهماً، والإصابة المشروطة منها عشرة أسهم، فأيهما يدر إلى إصابتها في أقل العددين فيه فضل، وسقط رمي الرشق وان تكافآ في الإصابة من عدد متساو سقط رمي الثاني وليس منهما فاضل.
وبيانه أن يصيب أحدهما عشرة من عشرين، ويصيب الأخر تسعة من عشرين، فيكون الأول ناضلاً، لأنه استكمل إصابة عشرة من عشرين، وقد رماها الثاني فنقص منها، ولا يرميان بقية الرشق لحصول النضل، فلو أصاب كل واحد منهما عشرة من عشرين لم يكن فيهما ناضل ولا منضول، وسقط رمي الباقي من الرشق، لأن زيادة الإصابة فيه مقيدة لنضل، ولو أصاب أحدهما خمسة من عشرين وأصاب الأخر تسعة من عشرين، فالنضال بحاله، لأن عدد الإصابة لم يستوف فيرميان من بقية الرشق ما يكمل به إصابة أحدهما عشرة، فإن رمى الأول سهماً فأصاب فقد فلج على الثاني، وفضل وسقط