يدبغ، لم تجز الصلاة فيهما لنجاستهما، وإن كانا طاهرين من ذكي مأكول أو من ميتة أو ما لا يؤكل إذا دبغا، فطهارتهما لا تمنع من استحقاق الصلاة إذا لم تسقط من فروضها شيئاً، ويمنع من لبس ما أسقط شيئاً من فروضهما، فعلى هذا يجوز أن يلبس الأصابع في الصلاة؛ وفي جواز ليس المضربة، قولان، لأن بطون الأصابع لا يلزم مباشرة الأرض بها في السجود وفي لزوم مباشرته الأرض بباطن كفه في السجود قولان: إذا قيل بوجوب السجود على اليدين فكانت الأصابع غير مانعة من فرض، وفي منع المضربة من العوض قولان.
مسألة:
قال الشافعي: "ولا بأس أن يصلي متنكب القوس والقرن إلا أن يتحركا عليه حركة تشغله فأكرهه وتجزئه ".
قال في الحاوي: الصلاة في السلاح جائزة، لقول الله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} النساء: 3
وروى سلمة بن الأكوع قال: قلت: يا رسول الله، أصلي وعلي القوس والقرن" فقال: "اطرح القرن وصل بالقوس ".
وروي عن ابن عمر أنه قال: القوس على المصلي كالرداء.
فأباح النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة بالقوس، ونهى عن القرن، وهو الجعبة التي تجمع السهام، فإذا كانت بغطاء، فهي جعبة، وإن كانت مكشوفة فهي قرن، وفي نهيه عن الصلاة فيهما تأويلان:
أحدهما: أنه نهي تحريم إذا كان ريش السهام نجساً، لأنه في الأغلب يتخذ من ريش النسر، وهو غير مأكول، ولو كان الريش طاهراً لم يتوجه إليه نهي.
والثاني: أنه نهي كراهة إذا كان طاهرا؛ لأنه يتخشخشه في ركوعه وسجوده باصطكاك السهام، فيقطعه عن الخشوع في الصلاة، فإن لم يتخشخش لم يتوجه إليه نهي، فصار لحمله في صلاته ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون محرماً وهو إذا كان نجساً.
والثاني: أن يكون مكروهاً، وهو إذا كان طاهرا يقطع عن الخشوع فيها.
والثالث: أن يكون مباحا، وهو ما خلا من هذين، والله أعلم بالصواب.