والثاني: أن هذا الشرط فاسد، ولا يجوز أن يستحق الخيار في البيع إلا من عقده أو عقد له، وليس زيد المسمى في استحقاق الخيار له عاقداً ولا معقوداً له، فلم يجز أن يثبت له في العقد خيار.
والثالث: إن جعل الخيار لزيد على طريق التوكيل له في النظر عن البائع، صح، وثبت الخيار لزيد المسمى وللبائع معاً، وكان زيد وكيلاً للبائع، فأيهما اختار الفسخ أو الإمضاء لزم: الوكيل أو الموكل. فإن جعل له الخيار ملكا له دون البائع، أو أطلق الشرط، لم يجز وكان باطلاً. وتعليل هذا المذهب مشترك من تعليل المذهبين الأولين وهو أظهر المذاهب الثلاثة ولأنه لا يجوز أن يثبت الخيار لوكيله دونه.
فإذا قيل: بصحة هذا الشرط على التفصيل المذكور، صح البيع وثبت فيه الشرط. فإذا قيل: بفساد هذا الشرط، فالصحيح أن البيع يفسد بفساده، ويكون العقد بهذا الشرط باطلاً لمنافاته. وفيه وجه آخر محكي عن أبي العباس بن سريج: أن الشرط فاسد والبيع صحيح.
وفيما يتناوله الفساد من الشرط وجهان:
أحدهما: جملة الخيار، فيصير البيع لازماً ولا خيار فيه.
والثاني: أن الفساد إنما توجه إلى اشتراط الخيار لزيد المسمى، ويكون الخيار ثابتاً للبائع. والله أعلم.
فصل
فإذا قال: بعتك هذه السلعة على استئمار زيد:
قال الشافعي في كتاب الصرف: لم يكن له الرد إلا أن يقول قد استأمرت زيداً فأذن لي في الرد. فاختلف أصحابنا في ذلك على وجهين: أحدهما: أن هذا الشرط لازم. والجواب فيه على ظاهره وليس له أن يرد إلا بعد استئمار زيد وإذنه لأجل شرطه.
الثاني: وهو قول أبي إسحاق وكافة البصريين: أن هذا الشرط ليس بلازم، وله الرد في مدة الخيار، سواء استأمر زيداً أم لم يستأمره، لأن استحقاق الخيار يمنع من أن يكون ممنوعاً من الخيار.
فمن قال بهذا لهم عن جواب الشافعي: لم يكن له الرد إلا بعد استئماره، تأويلان:
أحدهما: يريد به ليس له إذا رد أن يقول: قد أذن لي في الرد، إلا بعد استئماره لئلا يكون كذاباً، فكان هذا النهي منه عن الكذب لا عن الرد.
والثاني: أنه عنى الاحتياط إذا كان زيد أعرف، فيكون معنى قوله: لم يكن له الرد إلا بعد استئماره: أي لم يكن الحظ في الرد إلا بعد استئماره، وإن لم يكن ذلك مانعاً من استحقاق الرد والله أعلم بالصواب.
باب الربا وما لا يجوز بغضه ببغض متفاضلاً ولا مؤجلاً والصرفسمعت المزني يقول: قال الشافعي: أخبرني عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي