تَامَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} آل عمران:75 فنبه به على الأدنى. وينص تارة على الأعلى فإذا ورد النص على الأعلى والأدنى كان أوكد تنبيهاً على ما بينهما وأقوى شاهداً في لحوقه بأحدهما. والله أعلم.
مسألة: قال الشافعي رحمه الله تعالى: "ولم يجز أن نقيس الوزن على الوزن من الذهب والورق لأنهما غير مأكولين ومباينان لما سواهما وهكذا قال ابن المسيب لا رباً إلا في ذهب أو ورق أو ما يكال أو يوزن يما يؤكل ويشرب. قال: وهذا صحيح ولو قسمنا عليهما الوزن لزمنا أن لا نسلم ديناراً في موزون من طعام كما لا يجوز أن نسلم ديناراً في موزون من ورق ولا أعلم بين المسلمين اختلافاً أن الدينار والدرهم يسلمان في كل شيء ولا يسلم أحدهما في الآخر غير أن من الناس من كره أن يسلم دينار أو درهم في فلوس وهو عندنا جائز لأنه لا زكاة فيها ولا في تبرها وإنها ليست بثمن للأشياء المتلفة وإنما أنظر في التبر إلى أصله والنحاس مما لا رباً فيه وقد أجاز عدد منهم إبراهيم النخعي السلف في الفلوس وكيف يكون مضروب الذهب دنانير ومضروب الورق دراهم في معنى الذهب والورق غير مضروبين ولا يكون مضروب النحاس فلوساً في معنى النحاس غير مضروب".
قال في الحاوي: إذا ثبت أن الربا يتجاوز المنصوص عليه لمعنى فيه، وعلته مستنبطة منه. فالعلة في الذهب والفضة غير العلة في البر والشعير والتمر والملح. فأما العلة في البر والشعير فقد اختلف أصحاب المعاني فيها على مذاهب شتى. أحدهما: مذهب محمد بن سيرين أن علة الربا الجنس فأجرى الربا في جميع الأجناس ومنع التفاضل فيه حتى التراب بالتراب.
والمذهب الثاني: وهو مذهب الحسن البصري أن علة الربا المنفعة في الجنس فيجوز بيع ثوب قيمته دينار بثوبين قيمتهما دينار ومنع من بيع ثوب قيمته دينار بثوب قيمته ديناران.
والثالث: وهو مذهب سعيد بن جبير أن علة الربا تقارب المنافع في الأجناس فمنع من التفاضل في الحنطة بالشعير لتقارب منافعهما، ومن التفاضل في الباقلاء بالحمص وفي الدخن بالذرة لأن المنفعة فيهما متقاربة.
والرابع: وهو مذهب ربيعة أن علة الربا جنس يجب فيه الزكاة فأثبت الربا في كل جنس وجبت فيه الزكاة من المواشي والزروع ونفاه عما لا تجب فيه الزكاة.
والخامس: وهو مذهب مالك أنه مقتات مدخر جنس فأثيبت الربا فيما كان قوتاً مدخراً ونفاه عما لم يكن مقتاتاً كالفواكه وعما كان مقتاتاً ولم يكن مدخراً كاللحم.
والسادس: وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله أن علة الربا في البر أنه مكيل جنس فأثبت الربا في كل ما كان مكيلاً وإن لم يكن مأكولاً كالجص، والنورة، ونفاه عما كان غير مكيل ولا موزون وإن كان مأكولاً كالرمان والسفرجل.
والسابع: وهو مذهب سعيد بن المسيب وبه قال الشافعي في القديم أنه مأكول مكيل