معلوماً بالعرض والعمق يجوز، وإن كان مجهولاً لا يجوز ففي مسألتنا إن لم يكن للماء قيمة يجوز وإن كان للماء قيمة ونصا عليه من الجانبين فهو مبني على أن في الماء ربا أم لا على ما ذكرنا.
فإن قيل: أليس تسقطون حكم الجهالة في اللبن للتبعية؟ فأسقطوا فيه حكم الربا للتبعية، قلنا: حكم الربا يثبت مع التبعية كما في الثمرة غير الموبرة إذا باعها مع النخلة بمثلها لم يجز. وأما بيع السمسم بالسمسم إنما جاز لأن الشيرج الذي فيه لا يأخذ قسطاً من الثمن 23/أ بخلاف اللبن وقيل: الفرق أن السمسم بالسمسم بيع شيرج بشيرج والكسب فيه غير مقصود كالنوى في التمر، وهاهنا اللبن والشاة مقصودان.
فرع آخر
لو باع دجاجة فيها بيض ببيض، قال أصحابنا: لا يجوز وجهاً واحداً لأنه معتبر وهو موجود في جوفها.
وقال في "الحاوي": فيه قولان مخرجان من القولين في الحمل هل له قسط من الثمن أو هو تبع لأن البيض كالحمل فإن قلنا: أخذ قسطاً من الثمن لا يجوز لأن بيع البيض بالبيض لا يجوز على قوله الجديد، وإن قلنا: بيع يجوز، وعلل والدي الإمام رحمه الله لهذا القول بأنه كالمستهلك ما دام في جوفها.
مسألة: قال: "وكل ما لم يجز التفاضل فيه فالقسم فيه كالبيع".
هذا جواب على أظهر قوليه وأجراهما على القياس وهو أن القسمة بيع لإفراز حق. وبه قال أبو حنيفة: ووجهه أن كل جزء من الدار مشترك بينهما فعند الاقتسام يصير كأن كل واحد منهما باع ما في يد شريكه من نصيبه بما في يده من نصيب 23/ب شريكه، ومن قال إنها إفراز حق احتج بأنها لو كانت تبعاً ما صحت بالقرعة ولا استحقت الشفعة بها ولا افتقر إلى لفظ البيع وهذا اختيار أبي حامد. فإذا تقرر هذا ففائدة الخلاف في فصلين: أحدهما: في جنس فيه الربا يجوز بيع بعضه ببعضه كالبر والشعير فلا يجوز قسمتها وزناً إذا قلنا بيع، وإن قلنا إفراز حق يجوز بالوزن. والثاني: في جنس فيه الربا لا يجوز بيع بعضه ببعض كالرطب والعنب فهل يجوز قسمتها؟ قولان بناء على هذين القولين.
وأما قسمة الثمار على رؤوس الأشجار فقد تقدم حكمها في كتاب الزكاة وقيل: إنما اختلف قول الشافعي في هذا الاختلاف قوله في خرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمار المدينة هل كان لمعرفة قدر الزكاة أو لإفراز حقوق أهل السهمان، فإن قلنا: خرصها لمعرفة قدر الزكاة فيها وإنما كان إفراز الحق تبعاً لمعرفتها لا تجوز قسمة الثمار خرصاً وتكون القيمة بيعاً وإن قيل: خرصها 24/أ كان لإفراز حق أهل السهمان جاز قمة الثمار خرصاً وكانت القسمة إفراز حق وتمييز نصيب.