غير الرحل ولم يجد وتيمم وصلى, ثم علم انه كان في الرحل ماء, أو كان قد فتش رحله فرأى شيئاً ظن أنه ليس بماء, ثم علم أنه كان ماء. قال في عامة كتبه: يلزمه إعادة الصلاة. وقال أبو ثور: سألت أبا عبد الله عن هذه المسألة فقال: لا إعادة عليه, واختلف أصحابنا فيه على طريقين, فمنهم من قال: يعيد قولاً واحدً, وقول أبي ثور يحتمل أنه أراد بأبي عبد الله مالكاً, أو أحمد بن حنبل, أو أراد إذا وضع غيره
الماء في رحله بعد تفتيشه وهو لا يعلم, وهذا التأويل أصح؛ لأنه لم يلق مالكاً ولا يروى عن أحمد شيئاً, ومنهم من قال, وهو اختيار أبي إسحاق: في المسألة قولان. أحدها: لا إعادة وهو نحو ما قال في ((القديم)) إذا نسي قراءة الفاتحة في الصلاة أجزأته. وبه قال أبو حنيفة, ومحمد ومالك في رواية.
والثاني: يلزمه الإعادة وهو الصحيح, وبه قال أحمد: وأبو يوسف؛ لأنها طهارة تجب عليه مع الذكر فلا يسقط بالنسيان كأصل الطهارة, ومن أصحابنا من قال: إذا وضع غيره الماء في رحله وهو لم يعلم هل تلزمه الإعادة؟ قولان. والصحيح أنه على قول واحد الإعادة في هذا على ما صورنا, وإن لم يكن فتش رحله واعتقد أنه لا ماء معه. فيه وكان 186 أ/ 1 غيره قد وضع فيه ماء ثم علم, فهذا هو موضع احتمال القولين؛ لأنه لو يفتشه لوحده فصار مفرطاً بترك التفتيش ولو ضل الماء في رحله فتيمم وصلى تلزمه الإعادة قولاً واحداً, والقولان إذا نسي الماء في رحله, ذكره القفال. ولو قام لقضاء الحاجة فضل رحلة فيما بين الرحال, فطلبه فلم يجد فنأمره أن يصلي بالتيمم, وهل تلزمه إعادة الصلاة إذا وجده؟ لم يذكر في ((الأم)) إعادة الصلاة, بل قال: تيمم وصلى, وجاز فمن أصحابنا من قال في هذا أيضاً قولان: أحدها: يلزمه الإعادة؛ لأنه غير عادم وهذا عذر نادر, والثاني: لا تلزمه الإعادة لأنه غير منسوب إلى التفريط في طلب الماء بخلاف الناسي فإنه فرط في طلبه في رحله.
ومن أصحابنا من قال: لا تلزمه الإعادة قولاً واحداً, وهذا اختيار القفال, وهو الصحيح.
ولو ضل هو عن القافلة فلا إعادة بلا إشكال, ولو علم أنه كان بجنبه بئر قريبة يقدر
على مائها قال في ((الأم)): لا إعادة عليه ولو أعاد جاز احتياطاً, وقال في ((البويطي)): إن وجد بئراً بقربه أو بركة فيها ماء يبلغه الطلب تلزمه إعادة الصلاة.
ثم قال ((البويطي)) قال الربيع: قال الشافعي: إن كان قد طلب الماء فلا إعادة, وهو اصح القولين. وجملته أنه إذا علم بالبئر؛ فإن كان عالماً بها ثم نسيها فهو كما لو 186 ب/ 1 نسي الماء في رحله, وإن لم يكن عالماً بها قط فقد قيل قولان, وقيل: وهو الأصح المسألة على حالين فالذي قال في ((البويطي)): إذا كانت عليها علامات طاهرة فتواني في طلبها تلزمه الإعادة, والذي قال في ((الأم)): إذا لم يكن عليها علامات ظاهرة ولم يتقدم علمه بها, ويفارق الماء في رحله, لأنه كلف في أمر نفسه الإحاطة وفي غيره الظاهر.