قبول هبة الستر؟ وجهان أيضًا, وإن بذله بيعًا يلزمه شراؤه, بثلاث شرائط أحدهما: أن يجده بثمن مثله فلا يلزمه شراؤه بالزيادة, وإن كانت يسيرة, وقال أبو حنيفة: إن كانت الزيادة يسيرة بتغابن الناس بمثله يلزمه شراؤه وإلا فلا.
وذكر القاضي الإمام الحسين (رحمه الله) أنه إن كانت الزيادة بحيث لو غبن الوكيل بذلك القدر لا ينكر عليه يلزمه شراؤه لأنه لا يستضر بها, وهذا غلط لأن وجوده بأكثر من ثمن مثله كلا وجود كالرقبة في الكفارة, وكما لو كانت الزيادة (189/ 1) كثيرة, ثم اختلف أصحابنا في تفسير ثمن مثله في موضعه, فقال أبو إسحاق: يراعي ثمن المثل عرفًا وعادة على مرور الزمان في ذلك المكان, ولا يراعي الوقت, فإنه يختلف باختلاف الأوقات, فإن كان في هذا الوقت خرج عن العرف وضاق الماء لم يلزمه شراؤه, وإن كان ثمن مثله في هذا الوقت إذا لم يكن ثمن مثله غالبًا فيما نص من الأوقات العامة, ومنهم من قال: يعتبر
ثمن مثله في وقت ذلك وهو ضعيف ومنهم من قال: أراد بثمن المثل أجرة نقل ناقلة من معدنه إلى موضعه؛ لأن الماء أصله على الإباحة ولا ثمن له وهو ضعيف أيضًا.
والشرط الثاني: أن يكون واجدًا لثمنه, فإن يكن واجدًا له ويباع منه بالدين في ذمته لا يلزمه شراؤه, نص عليه في كتبه ولا يلزمه استقراض المال لشرائه, ولو كان له ماء في بلده ويرد بيعه بثمن يأخذه منه في بلده يلزمه شراؤه, ويؤدي ثمنه في أهله نص عليه في (البويطي)؛ لأنه صار قادرًا على الماء في الحال من غير ضرر, ولو بيع بثمن مؤجل هنا بزيادة تزاد بسبب التأجيل في العادة.
قال بعض أصحابنا بخراسان: يلزمه شراؤه أيضًا؛ لأن ذلك ثمن مثله ولا ضرر عليه, وإن كان يحتاج إلى رشاء ودلو ويقدر على (189 ب/1) شرائهما بثمن مثله يلزمه شراؤهما أيضًا.
والشرط الثالث: أن لا يكون محتاجًا إلى ثمنه لقوته في طريقه, فإن كان يحتاج إليه لا يلزمه شراؤه ويتيمم ويصلي, فإن قيل: أليس قلتم أنه إذا لم يجد الرقبة في كفارة الظهار إلا بزيادة على ثمن مثلها ليس له الانتقال إلى الصوم, بل يلزمه الصبر حتى يجدها بثمن مثلها, فقالوا: لا يتيمم هنا أيضًا, قلنا: الفرق أن الرقبة في الذمة غير مؤقتة, ولو أراد تأخيرها من غير عذر كان له فلا حاجة به إلى الانتقال إلى الصوم, وهنا حاجة إلى التيمم لضيق الوقت وخوف الفوات فألزمناه, فإن قيل: فينبغي أن يؤخرها إلى آخر الوقت, قلنا: تفوته فضيلة أول الوقت بأمر مشكوك فيه فلم يلزمه تأخيرها بخلاف الرقبة.
فرع
لو وهب له الماء فلم يقبل وتيمم وصلى, فإن كان الماء الموهوب له موجودًا في يد واهبة حتى تيمم وصلى تلزمه الإعادة, وإن كان الماء معدومًا حين تيمم وصلى هل