الصحيح من مذهب مالك أن يرجع مثل قول ابن أبي ليلى وهو غريب. وحكى عن ابن سريج أنه قال: يرجع بالأرش في الحال، ثم إذا عاد البيع إليه رده على بائعه واسترجع الثمن إلا قدر ذلك الأرش وهو غريب فإذا ثبت هذا فإنه ينظر فإن رد المشتري الثاني على البائع الثاني رد البائع الثاني على البائع الأول، وإن كان قد حدث عند المشتري الثاني عيب فرجع بالأرش على البائع الأول بالأرش على التعليلين جميعاً. هكذا ذكره أهل العراق وهو المذهب.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا يرجع بالأرش لأن للبائع الأول أن يقول له كان يمكنك أن تسترده بالعيبين فحيث دفعت الأرش صرت متبرعاً بذلك 157/ ب وهو اختيار ابن الحداد. وهذا غلط لأنه لو استرده مع اليبين ربما لا يرضي به البائع الأول فيلزمه معيباً ويستضر به.
فرع
لو عاد إليه بوجه آخر من هبة أو ميراث ولم يرد عليه ولا حدث عنده عيب آخر فهل له أن يرده على البائع الأول؟ وجهان بناء على اختلاف التعليلين فعلى التعليل الأول: له الرد لأنه يمكنه الرد الآن ويئس من الرد وهو المذهب، وعلى التعليل الثاني: ليس له الرد لأنه استدرك ما لحقه من الظلامة، وحين عاد إليه عاد بلا عوض.
فرع آخر
لو اشترى عبدين فباع أحدهما ثم أعلم بالعيب فإن كان العيب في الذي باعه ليس له الرجوع بالأرش لأنه استدرك الظلامة ولم ييأس من الرد وإن كان العيب في الذي في يده، وقلنا: لا نفرق الصفقة ليس له الرد أيضاً ولا يرجع بالأرش أيضاً لأنه لم ييأس من رد الجملة، وإن قلنا تفرق الصفقة كان له رده.
فرع آخر
لو هلك عند المشتري الثاني أو أعتقه أو وقفه فهل يرجع المشتري الأول 158/ أ بالأرش على بائعه؟ فإن قلنا بالتعليل الأول يرجع لأنه آيس من الرد، وإن قلنا بالتعليل الثاني لا يرجع لأنه استدرك الظلامة. فإن رجع المشتري الثاني عليه بالأرش هاهنا له أن يرجع بالأرش على بائعه الأول بلا خلاف.
فرع آخر
إذا اشترى عبداً ثم أعتقه أو وقفه أو قتله أو مات في يده أو كان طعاماً فأكله ثم علم به عيباً له الرجوع بالأرش وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: إذا قتله أو أكله لا يرجع بالأرش لأنه أزاله ملكه عنه بفعل مضمون كما لو باعه. وهذا غلط؛ لأنه عيب لم يرض به وحده بعد الإياس من الرد، فكان له الرجوع الأرش كما لو اعتقه وأما ما ذكره لا يصح لأن بالبيع لا يجب الضمان وإنما يجب الضمان بالتسليم ولأن في البيع لم ييأس من الرد.
فرع آخر
لو وهب ثم علم به عيباً فإن قلنا: الهبة تقتضي الثواب لا أرش له للعلتين كما قلنا