وأمسكها (مدة) يلزمه ردها إلى ربها وإنما فرض الشافعي -رحمه الله -المسألة في الجارية؛ لأنه يتفرع عليها أحكام كثيرة ثم إذا ردها لا يخلو من ثلاثة أقوال:
أحدها: أن يكون الرد قبل الوطء، فإنه لم يرد ولم يقبض فعليه أجرة مثلها في المدة التي أمسكها، إن كانت خادمة فبأجرة خدمة مثلها، وإن كانت صانعة فبأجرة مثلها في صنعها، فإن كانت لها صناعات فأجرة أعلاها، وإن كانت زائدة ردها مع الأجرة بزيادتها منفصلة كانت أو متصلة، وإن كانت ناقصة ردها مع أرش النقص والأجرة كالغصب سواء لأنها في يده بغير حق.
والثاني: أن يكون الرد بعد الوطء قبل الإحبال، فالحكم في الزيادة والنقصان والأجرة على ما ذكرنا. وأما حكم الوطء فلا حد عليه لشبهة الملك ويلزمه مهر مثلها؛ مثلها بكرًا، ق 26 أ ويلزمه أرش البكارة مع ذلك لأنه يلزم لإزالة البكارة وإتلاف الجزء، والمهر يجب بالوطء والاستمتاع فهما حقان مختلفان يجبان بشيئين مختلفين، فيجتمعان كما لو افتضها بأصبع ثم وطئها يلزم المهر مع أرش البكارة.
فإن قيل: هلا قلتم: لا يلزم أرش البكارة كما لو تزوج بامرأة بكر نكاحًا فاسدًا فوطئها يلزمه مهر مثلها ولا يلزمه أرش البكارة؟ قلنا: الفرق أن المرأة رضيت من الوطء الذي يتضمن إزالة البكارة بالمهر فلا يجب لها أرش البكارة، وليس كذلك السيد ههنا لأنه لم يعاوضه على الوطء، وإنما عاوضه على رقة الجارية، فإذا كانت المعاوضة فاسدة لزم المشتري ضمان جميع ما أتلفه من الاستمتاع وما أتلفه من الجزء بالافتضاض. قلت: هكذا ذكره أبو حامد وغيره وذكره القاضي الطبري -رحمه الله -أيضًا في المذهب المجرد وروايته في المنهاج في مسائل الإفضاء للقول نص الشافعي -رحمه الله -على أنه يجب على الواطئ في النكاح الفاسد والمهر مع أرش الافتضاض وإنما لا يجب ذلك على الزوج لأنه يملك إتلاف البكارة بعقد النكاح فلا يجب ضمان بخلاف الوطء في النكاح الفاسد، وهذا غريب وهو القياس عندي.
وذكر في ق 26 ب "الحاوي" مثل ما قاله أبو حامد وفرق بأن الأمة مضمونة عليه باليد فيلزمه أرش البكارة لوجود النقص في يده والحرة غير مضمونة عليه باليد.
فإن قيل: لم لا يدخل أرش الافتضاض في مهر المثل لأن الافتضاض بهذا الوطئ والفعل واحد؟ قلنا: لا نقول ذلك لأن الأرش إنما يجب بالتقاء الختانين فهو كما لو افتضها بأصبع لا يدخل الأرش في المهر.
فإن قيل: إذا أوجبتم أرش الافتضاض ينبغي أن توجبوا مهر مثلها ثيبًا لا بكرًا كما لو افتضها بأصبع ثم وطئها يلزم مهر مثلها ثيبًا. قلنا: الفرق أن هناك لم ينل كمال اللذة لأنه