وهذا كما قال: لا يجوز لأحد أن يبيع على بيع أخيه. وصورته: أن يفسد على البائع بأن يبيع رجل من رجل سلعة وهما في المجلس وبينهما خيار المجلس أو خيار الثلاث وقد تفرقا، فيقول المشتري: أنا أبيعك سلعة خيرًأ منها بثمنها وأقل من ثمنها فرد الذي اشتريته، فهذا محرم، فإن نقض المشتري البيع واشترى منه صح البيع وإن ارتكب المعصية؛ لأن معصيته غير عقده، وعقده ق 58 ب غير معصيته.
وأما الشراء على شراء أخيه فحرام أيضًا؛ لأنه في معنى ما ذكرنا، وهو أن يفسد البيع على المشتري فيقول للبائع: بعني هذه السلعة بأكثر مما بعته منه وافسخ البيع بحق الخيار، فإن نقض البيع بحق الخيار واشترى منه يصح الشراء، ويحتمل اشتمال لفظ الخبر عليه؛ لأن اسم البائع يقع عليهما، ولهذا يسميان متبايعين.
وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يسوم الرجل على سوم أخيه". وهذا قريب من بيعة على بيع أخيه، وهو إفساد على المشتري وفيه ثلاث مسائل:
أحدها: أن يتساوما على السلعة ويطلبها منه المشتري بمائة نظر، فإن سكت ولم يجبه إلى ذلك ولا رده ولا كان منه ما يدل على الرضا به، فلكل أحد أن يشتريها منه، وإن أجابه وقال: أنا أبيعك بمائة فلا يحل لأحد أن يشتريها منه وإن كان منه ما يدل على الرضا. فإن قال: أنا أحق بها منك ومن أي مشترٍ مثلك فهل لغيره أن يشتريها منه؟ فيه وجهان.
وقال في "الحاوي": إذا سئلت ولم تجب برضا ولا بكراهة، فإن ظهر ما يدل على الرضا فهل يحرم السوم؟ وجهان:
أحدهما: يحرم لأن السكوت كالنطق.
والثاني: لا يحرم لأن السكوت كناية ق 59 أ ولا تقوم مقام النطق الصريح إلا فيما خصه الشرع.
وهذا إذا كان في غير النداء، فأما إذا كانت في المناداة فلكل واحد أن يزيد ما لم يعقد البيع؛ لأنه أظهر أن يقصد الزيادة.
باب النهي عن بيع حاضر لباد، والنهي عن تلقي السلعقال أخبرنا سفيان
..... وذكر الخبر.
وهذا كما قال. لا يجوز لحاضر أن يبيع لبادٍ بدليل ما روى أنس بن مالك رضي الله عنه في هذا الخبر. ولو كان أخاه وأباه، وروى الشافعي رحمة الله عليه زيادة عن جابر -