ولو أقرضه من غير شرط فقضاه زائدًا جاز وكان مستحبًا، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم استقرض بكرًا، فلما جاءته إبل الصدقة جاء الرجل يتقاضى، قال أبو رافع: فأمرني أن أقضيه إياه، فقلت: يا رسول الله، لا أجد إلا بازلًا، قال: "اقضه فإن خيركم أحسنكم قضاء".
فرع
لو أقرضه ألف درهم بشرط أن يقضيه إياه في بلد آخر، وهو السفنجية، فإن كان هذا شرطًا في القبض لم يجز، لأنه يريد أن يربح مؤنة الطريق وغرره وإن أقرضه ق 62 ب إياه من غير شرط ثم سأله أن يكتب له كتابًا إلى بلد آخر، ذلك لأن القرض إذا صح جاز قضاؤه بعد ذلك على وجه ينتفع به.
فرع
لو شرط المستقرض على المقرض أن يرد عليه ببلد كذا ويرد الكسر مكان الصحيح هل يفسد به القرض؟ اختلف أصحابنا فمنهم من قال: لا يفسد به، وهو اختيار ابن أبي هريرة؛ لأن هذا الشرط وإن كان لا يلزم يجوز من غير شرط فلم يتنافيا، ولأن أصل القرض الإرفاق، وهذا زيادة في الرفق ولا يلزم ذلك، بل له أن يطالبه في ذلك البلد الذي أقرض فيه ويطالبه بالصحيح، والشرط كان واعدًا جميلًا. ومنهم من قال: يفسد به القرض لأنه شرط ينافيه.
فرع
لو كان الرجل معتقدًا بأنه يقضي القرض خيرًا عما يستقرض يجوز إقراضه من غير أن يجعل ذلك شرطًا. ذكره عامة أصحابنا.
ومن أصحابنا من قال: لا يجوز ذلك؛ لأن هذه العادة كالشرط، وهذا غلط، لأن القضاء زيادة مندوب إليه لما ذكرنا من الخبر، فكيف يكون مانعًا من القرض، ولأن العادة لا تقوم مقام الشرط لأنه لو كان عادة الرجل أنه إذا اشترى من إنسان تمرًا أطعمه لا يصير ذلك كالشرط في بطلان هذا العقد.
ومن أصحابنا من قال: إن أقرضه ناويًا الزيادة يكره ولا يحرم، وفيه وجه آخر لا يكره لأنه لم يوجد ق 63 أ منه طلب الزيادة والحكم مبني على الظاهر، وإن أقرضه مطلقًا فيه وجهان، والمذهب أنه لا يكره.
فرع
ما لم يجر فيه الربا هل يجوز إقراضه بالزيادة كإقراض ثوب بثوبين؟ المذهب أنه لا يجو لعموم الخبر الذي ذكرناه.