فلا يتصرف؛ لأن الأم لا تتصرف فكيف يتصرف وصيها. ويعني بالوصي الذي نصبه الحاكم إذا أذن له الحاكم نصًا بالتجارة؛ لأن مجرد قوله: وليتك مال فلان يقتضي الحفظ لا غيره.
قال ابن أبي ليلى: لا يجوز للولي أن يتجر بمال اليتيم. وهذا غلط لما ذكرنا ولأن الله تعالى قال: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الأنعام: 152. وقال مجاهد: أراد بقوله: {أَحْسَنُ} الأنعام: 152 التجارة. وقال الضحاك: هو أن يتجر له ولا يأخذ من الربح شيئًا. وقال أبو زيد: أن يأكل بالمعروف إن افتقر ويمسك الأكل إن استغنى، ثم إنما يجوز لهم التجارة في البلد أو السفر المأمون، فأما السفر المخوف فلا يجوز. ويجوز لهم أن يبضعوا أموالهم إلى البلاد إذا كان الطريق آمنًا.
ويفارق الوديعة ق 69 ب لا يخرجها المودع من يده إلى يد غيره بمطلق الإيداع، لأن ليس هناك رجاء ربح وفضل، وههنا يتجر ليربح، وفي إيضاحه غبطة فافترقا.
وأما البحر: فإن ركوبه غرر فلا يجوز لهم أن يحلوا مال الصغير فيه، وما روي عن عائشة- رضي الله عنها- أنها أبضعت بأموال بني محمد بن أبي بكر وهم أيتام في حجرها في البحر. يحتمل أن يكون إلى المدن القريبة من الشط التي الغالب منها الأمن والسلامة. وقيل: كان في ساحل البحر بحيث يقرب من المدينة، وكان غالب ذلك السلامة. ويحتمل انها كانت ضمن الغرر إن تلفت مبالغة لطلب الربح لبني أخيها.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: يجوز إبضاع ماله في البحر لخبر عائشة رضي الله عنها، والصحيح ما ذكرنا.
وقال جماعة من أصحابنا: لا يجوز أن يسافر بماله برًا ولا بحرًا لما في السفر من التغرير بالمال، فإن سافر ضمن إلا أن تكون المسافة قريبة والقرى حول البلد، وفي المسافة البعيدة وجهان إلا أن يلتزم الضمان.
فرع
لو اتجر له هل أجرة مثل لحق عمله؟ فإن لم يكن ذلك قاطعًا له عن عمله ولا مانعًا من التصرف في شغله وكان واجدًا مكتفيًا فلا أجرة له. وإن كان يقطعه عن عمله ويمنعه من كسبه ق 70 أ فيه قولان:
أحدهما: لا أجرة له؛ لأنه عمَّال مختار من غير عقد لازم ولا عرض مبذول، فصار متطوعًا به.
والثاني: له الأجرة؛ لأن في المنع منها ذريعة إلى إهمال الأيتام وترك مراعاتهم والتجارة بأموالهم.