(إحداها): أن ينفصل الماء متغيرًا بالنجاسة فهو نجس بلا خلاف, سواء طهر المحل به أو لم يطهر, لأن النجاسة غلبته.
والثانية: أن ينفصل عنه غير متغير ولم يطهر المحل بعد, فالمذهب أنه نجس, لأن الماء إذا ورد على النجاسة إما أن يغلبها أو تغلبه, فإن غلبها وجب أن يزيلها, فلما لم يزلها دل على أنها غلبته, وقال بعض أصحابنا: فيه وجهان: أحدها: هذا, والثاني: أنه طاهر, لأن الماء الذي يزد على النجاسة بمنزلة الماء الكثير الذي تزد النجاسة عليه فلا تنجس إلا بالتغير.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إنه روي هذا عن الشافعي في (القديم).
والثالثة: أن ينفصل عنه غير متغير والمحل قد طهر, فالمذهب المنصوص أنه طاهر, وبه قال جماعة أصحابنا, لأن البلة الباقية في الثوب هي طاهرة, فالمنفصل منه طاهر أيضًا. وقال أبو القاسم الأنماطي: هو نجس, وبه قال أبو حنيفة: فعلى هذا العبارة عنه أن حكم الماء بعد الاستعمال حكم المحل المغسول قبل أن يغسل, إذا قلنا بالمذهب, قال القفال: لأصحابنا عبارتان, أحدها: أن حكم الماء بعد الغسل حكم الماء قبل الغسل؟ فعلى هذا غسالة (204 أ/1) كل مغسول هي طاهرة وهو عين القول القديم, والثانية: أن حكم الماء بعد الغسل حكم المحل بعد الغسل, فعلى هذا غسالة عين الكلب والخنزير طاهرة, والغسالة في المرة السابعة من ولوغ الكلب والخنزير طاهرة أيضًا, وما قبلها نجس, وعلى هذا لو نجس الماء بولوغ الكلب فأصاب الثوب منه نجس وغسل سبع مرات كما يغسل الإناء سبعًا, فإن غسله مرة ففي هذا الماء وجهان: أحدهما: طاهر, لأنه انفصل غير متغير, والمذهب أنه نجس, فلو أصاب الثوب من هذه الغسالة نجس الثوب وبماذا يطهر, اختلف
أصحابنا فيه, فمنهم من قال: يغسل بعد هذا سبعًا إحداهن بالتراب, لا أن تكون الغسلة الأولى بتراب فيغسل ستًا بلا تراب, وعلى هذا أبدًا, فإن بقي من غسلات الإناء خمس غسل خمسًا, ولو بقي واحدة غسل واحدة, وإن أصاب من السابعة لا المحل المغسول قبل الغسل, فيغسل من المرة الأولى سبع مرات إحداهن بالتراب, ومن الثانية ست مرات إحداهن بالتراب, إن لم يكن غسل المرة الأولى بالتراب, ومن السابعة يغسل مرة, ومن أصحابنا من قال: يغسل مرة واحدة لكل خال, لأن كل مرة قد أخذت سبع النجاسة فيغسل منها مرة, فاعتبر هذا القائل ما زال من النجاسة بالغسل دون (204 ب/1) ما بقي.
فرع
لو جمع ماء الغسلات السبع في إناء هل يكون نجسًا؟ فإن قلنا: ماء الغسلات كلها طاهرة فلا مسألة, فإن قلنا: الجميع نجس إلا ماء الغسلة السابعة فيه وجهان:
أحدهما: الجميع نجس, لأن ماء الغسلة الأولى إلى السابعة نجس, وماء الغسلة السابعة طاهر, فإذا جمع ولم يبلغ قلتين وجب أن يكون نجسًا وهو الصحيح, والثاني: