الحال. وعلى هذا لو صير الأجل أو المسلم فيه مجهولاً بعدما كان معلومًا قبل التفرق بطل البيع، ولو صير المجهول معلومًا لم يعد العقد صحيحًا؛ لأن التصرف والتغيير إنما يكون في الصحيح. فأما في الفاسد فلا يمكن البناء عليه حتى لو كان المعقود عليه معلومًا فقال: زدتك ما شئت بطل، فإن صيراه معلومًا لم يصح حتى يستقله عقد آخر. وكذلك لو أسقطا الأجل قبل التفرق سقط ولزم إن كان ذلك بعد لزوم العقد، قد ذكرنا أنه لا يلحق العقد خلافًا لأبي حنيفة. ولو بذل رهنًا أو كفيلًا بعد لزوم العقد صح، وإذا قبض لزم، ولا نقول يلحق أصل العقد؛ لأن حكمه ينفرد بنفسه.
مسألة:
قَالَ: "ولا يَجُوزُ فِي السَّلَفِ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ".
وهذا كما قال: من شرط صحة عقد السلم تسليم رأس المال في المجلس، فإن تفرقا قبل قبضه بطل؛ لأن البيع دين بموضوف، فإذا افترقا قبل تسليم ذلك أشبه الثمن الدين، ولا يجوز بيع الدين بالدين، ولا الكالاء ق 107 ب بالكالاء لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال مالك: إن قبض رأس المال بعد الافتراق بزمان قريب إلى مدة ثلاثة أيام يجوز وإلا فلا يجوز. وروي عنه أنه قال: إذا تأخر قبضه من غير شرط صح، وهذا غلط لما ذكرنا، ولأن السلم سمي سلمًا لأنه تسليم عاجل فيما لا يجب تسليمه عاجلًا، ويجوز أن يكون أجلًا فيلزمه تسليم الثمن لتحقق الربح.
فرع
لو قبض بعضه وتفرقا قد ذكرنا نظيره في الصرف. وقيل: فيه ثلاثة أوجهٍ:
أحدها: يبطل السلم في الكل؛ لأن شرط الصحة لم يوجد.
والثاني: يجوز فيما قبض ولا يجوز فيما بقي، وبه قال أبو حنيفة، ولا خيار في تفريق لاصفقة، لأن افتراقهما على قبض البعض رضًا منهما بالتفريق.
والثالث: لا يجوز فيما لم يقبض وفيما قبض قولان بناء على تفريق الصفقة وللمسلم إليه الخيار دون المسلم في أن يمضي العقد بالبعض أو يفسخ. وهذا أصح، ذكره القاضي الطبري.
فرع آخر
لو أخذ رأس المال في المجلس ثم تلف في يده قبل التفرق، هل يبطل السلم؟ فيه وجهين.