أصحابنا من قال: علة إبن القاضي في ذلك أن النصف الأول لما غسله طهر, ثم نجس بما جاوره من النجاسة, ثم إذا غسل النصف الثاني يطهر إيضًا, إلا أنه تنجس بما جاوزه من النجاسة وهو النصف الأول المغسول, وعلى هذا يظهر الخلاف بين أصحابنا في ذلك, وهذا غلط, لأم الجزء الذي يجاور اليابس ينجس والباقي لا ينجس لما روي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال في الفأرة, تقع في السمن
الجامد: قوروها وما حولها.
وعلى ما قاله ابن القاضي تنجس جميع السمن بالتعدي من جزء إلى آخر وبعض أصحابنا بخراسان اطلقوا, وقالوا: الصحيح ما قاله صاحب التلخيص, ولم يفصلوا ما ذكرنا من التفصيل, ولا شك أنه على هذا التفصيل.
فرع آخر
إذا غسل الثوب عن النجاسة, ثم وقعت عليه نجاسة في الحال, هل يجب غسل كلها أو غسل موضع النجاسة؟ قال بعض أصحابنا: فيه وجهان لأنه ينشر, وعلى هذا لو خرز الخف بشعر الخنزير يصير نجسًا, لأنه لا يمكن إلا بالرطوبة فلو غسل هل يحكم (206 أ/ 1) بطهارة ظاهره؟ وجهان:
أحداهما: لا يطهر لأنه لا يمكن تطهير كله, والرطوبة تتعدى.
والثاني: يطهر, ويجوز أن يصلي عليه, ولو غرف رجله لا نحكم بنجاسته, ولا تتعدى النجاسة من ثقب النعل إلى الجزء المغسول, وهذا هو الصحيح عندي, واختاره الإمام القاضي الحسين -رحمه الله-
فرع آخر
قال بعض أصحابنا: إذا طبخ اللحم بماء نجس فإنه يصير نجسًا, والطريق في تطهيره أن يطبخ بالماء الطاهر مرة أخرى حتى يصل الماء في الكرة الثانية إلى كل موضع وصل الماء إليه في المرة الأولى فيطهره, وعندي أنه لا يطهر, وسمعت بعض أصحابنا يقول: لابد من أن يجفف ثم يغسل حتى يصل الماء إلى باطنه فيطهر به كالأجر النجس بما لا عين له.
فرع آخر
العجين بالماء النجس لا يصير بالخبز طاهرًا, والطريق في تطهيره أن يقلب عليه الماء حتى ينفد ويخرج من الجانب الآخر, كما قلنا في الأجر النجس, وعلى ما ذكرنا عن بعض أصحابنا يلزمه أن يجففه أولًا ثم يصب عليه الماء هكذا.
فرع آخر
لو كان ثوبًا نجسًا فوضعه في طست, وصب عليه ماء حتى غمره, ثم عصره, فالثوب طاهر بلا خلاف, وإن لم يعصره ففيه وجهان:
أحدهما: يطهر الثوب لأنه كأثره بالماء وغمره, فوجب أن يطهر كما لو بال رجل على الأرض قصب عليه ماء غمره فإنه يطهره.