بالبصرة: إن كان الطير صغيراً لا يحتمل أن يباع مبضعاً لزمه فيه أخذ الرأس والرجلين. وكذلك فيما صغر من الحب يؤخذ الرأس والذنب، لأنه يؤكل معه ويطبخ معه إلا أن يشترط قطع ذلك، كالعظم، وبهذا القول وجه ولكن المذهب خلافه، ولا فرق بين صغار ذلك وكباره، لأن الرأس والرجلين تتميز عن اللحم والعظم، داخل في اللحم، واللحم متراكب عليه فافترقا.
فرع آخر
أخذ الجلد مع اللحم، فإن كان لحم إبل أو بقر أو غنم لم يلزمه قبوله، وإن كان لحم طير أو حوت لزمه، لأنه مأكول معه ولا يكاد ينفصل عنه فكان أولى ق 155 ب أن يلزم قبوله من العظم الذي قد ينفصل عنه ولا يؤكل معه. وهكذا لو كان السلم في لحوم الجدي الصغار لزمه قبول الجلد فيه كما ذكرنا من المعرف المعتاد في أكله معها، وأنه لا يتميز في الغالب عنها.
مسألة:
قال: "وإن أعطاه مكان كيل وزناً، أو مكان وزن كيلا أو مكان جنس غيره لم يجز بحال".
وهذا كما قال. كل موضع أراد قبض ما في ذمته فإنما يقبضه على الوجه الذي لزم في الذمة لو كان كيلاً فكيلاً، وإن كان وزناً فوزناً، ولا يأخذ مكان الكيل وزناً ولا مكان الوزن كيلاً، لأنه لا يعلم هل أخذ بعض حقه أم أكثر، أو فوق حقه. فإن خالف بغير ما وجب له كان وجب له قفيز طعام فأخذ مائة وعشرين رطلاً كان القبض فاسداً، فإن كان الطعام قائماً كلناه، فإن خرج وفق حقه فذلك، وإن كان دون حقه فعليه الفضل، وإن كان أكثر رد الفضل، وإن كان تالفاً فإن اتفقا على شيء حمل الأمر عليه، وإن اختلفا في القدر أو نفس الطعام فالقول قول القابض.
وقال مالك، والثوري، والأوزاعي: إذا أصدقه في الابتداء فالقول قول البائع. وهو غلط، لأن الأصل عدم القبض وطريق القبض كان فاسداً ههنا. ولو تصرف هذا القابض قبل الكيل هل يصح؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز لأنه بيع المسلم فيه قل قبضه.
والثاني: وهو ق 156 أ اختيار أبي إسحاق يجوز، لأنه دخل في ضمانه. وقد مضى نظير هذه المسألة.
فإن قال قائل: إذا استحق عليه حنطة كيلاً فأعطاه وزناً فقد استوفي حنطة وحقه حنطة، فلم قال الشافعي: "فإنه بيع المسلم فيه قبل أن يستوفي"؟ قلنا: شبهه بالبيع بخلاف الرابع في الاستيفاء، فجعل بدل الاستيفاء كبدل المستوفي وذلك غير بعيد. وتقدير اللفظ