قبل (فكاكه). وقيل: فكه قبل موته، لأنه صلى الله عليه وسلم قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه" والصحيح أنه مات قبل فكاكه لما روى عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود بثلاثين صاعاً من شعير.
وأما الخبر الذي ذكرنا فمحمول على من مات ولم يترك وفاءه.
وأما الإجماع: فلا خلاف بين المسلمين فيه.
ثم أعلم أن أصل الوثائق بالحقوق ثلاث، رهن، وضمين، وشهادة لا تختلف باختلاف المكان، وكل وثيقة جازت سفراً، وكل ما جاز سفراً جاز حضراً. والإشهاد خوف التجاحد، والرهن، والضمين خوف الإفلاس والمنع. وقال مجاهد، وداود - رحمها الله -: لا يجوز الرهن إلا في السفر عند عدم الكاتب.
واحتج بقوله سبحانه وتعالى: {وإن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ ولَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} البقرة: 283 فشرط في السفر وعدم الكاتب، وهذا غلط لخبر اليهودي فكان ذلك الرهن بالمدينة، ولأن كل وثيقة تجوز في السفر تجوز في الحضر كالضمين، وأما الآية الكريمة التي ذكرناها قلنا: ذكر فيها السفر، لأن الغالب أن الكاتب والشهود لا تنعدم إلا في السفر لأشرط.
مسألة:
قال "أذن الله سبحانه وتعالى بالرهن في الدين، والدين حق فكذلك كل حق لزم ق 160 أ في حين الرهن".
الفصل
وهذا كما قال: الأمر بالكتابة والإشهاد والرهن أمر ندب لا وجوب، لأنه تعالى قال: {َإنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} البقرة: 283 ولهذا قال الشافعي - رحمة الله عليه - أذن الله تعالى في الرهن ولم يقل أمر بالرهن.
وأعلم أن هذه الإشارة إلى أن الآية وردت في دين مخصوص وهو دين السلم ولكن لا يختص جواز الرهن بذلك والكلام الآن في فصلين:
أحدهما: فيما يجوز أخذ الرهن:
والثاني: في الوقت الذي يجوز أخذ الرهن فيه.
أما الأول فكل حق لازم في الذمة يجوز أخذ الرهن به، وقيل: كل حق ثابت في الذمة يصح استيفاءه من الرهن، وهذا الحد أولى وذلك مثل الأثمان في المبيعات والقرض. وأما الصلح، ومال الحوالة، وما الضمان، والأجرة في الإجازة، والمهر في