والثاني: لا يجوز كالدرك.
مسألة:
قال: "وَلاَ مَعْنَىِ للرَّهْنِ حَتَّى يَكُونَ مَقْبُوضًا ".
الفصل
وهذا كما قال، الرهن قبل القبض لا يلزم وإذا قبضه يلزم به جهة الراهن ولا يلزم من جهة المرتهن، فمتى قال: أبطلت الرهن أو فسخته زال الرهن. نص عليه الشافعي- رحمه الله- وقال مالك: يلزم بنفس العقد ويجبر على القبض كما قال في الهبة. وهذا غلط؛ لأن الله تعالى لم يحكم بصحة الرهن إلا بصفة وهي أن يكون مقبوضًا، ولأنه عقد إرفاق من شرطه القبول فلا يلزم إلا بالقبض كالقرض، ولأنه قال، لو مات الراهن لا يجبر وارثه على الإقباض. فدل أنه يلزم قبل القبض. وقال أحمد- رحمه الله: إن لم يكن مكيلًا ولا موزونًا يلزم من غير قبض بنفس العقد فنفس على المكيل حجة عليه.
فإذا تقرر هذا قال الشافعي: من جائز الأمر حين رهن وحين أقبض، وفيه أربع مسائل:
أحدها: أن يكونا ق 163 ب جائزي الأمر حين الرهن إلى حين القبض فيصح بلا إشكال.
والثانية: أن يكونا جائزي الأمر حين القبض ولم يكونا جائزي الأمر وقت الرهن، أو أحدهما لم يكن جائز الأمر في تلك الحالة بأن كان ميتًا أو مجنونًا أو محجورًا عليه لسفه أو فلس لا يصح؛ لأن العقد لم يصح فلا يصح الإقباض من غير عقد.
الثالثة: أن يكونا جائزي الأمر حين العقد ولم يوكنا جائزي الأمر أو أحدهما وقت القبض لا يصح ولا يلزم الرهن، لأن القبض شرط في صحة الرهن فافتقر إلى الرشد كالعقد.
والرابعة: أن يكونا جائزي الأمر وقت الرهن والإقباض، ويمكن تخلل بينهما جنون أو حجر، فظاهر المذهب أن ذلك لا يؤثر ويصح وهو ظاهر النص ههنا؛ لأنه قال: "من جائز الأمر حين رهن وحين قبض "فاعتبر الطرفين دون الوسط، وقد قال بعد هذا: "لو مات المرتهن قبل القبض فللراهن تسليم الرهن إلى وارثه وبيعه ولم يبطل بالموت "فالجنون أولى أن لا يبطله.
وقال أبو إسحاق: يبطل الرهن بالجنون قبل القبض لأنه عقد جاز فبطل بالجنون كالوكالة والشركة، وهذا اختيار جماعة من أصحابنا بخراسان، وقالوا: ذا هو المذهب ومراد الشافعي بما ذكر بقاء صفة جواز الأمر من وقت العقد إلى وقت ق 164 أ الإقباض