فإن قيل: قلتم لو أوصى بدا ثم انهدمت لا يدخل النقد في الوصية، وقلتم يدخل في الرهن فما الفرق؟ قلنا: الاعتبار بحالة الموت، ولهذا أوصى بثلث ماله اعتبر قدره حال الموت، فإذا انهدمت الدار فاسم الدار قد زال عن الأعيان المنفصلة عند الموت فلا يدخل في الوصية، والاعتبار في الرهن بالعقد، وما دخل في العقد استقر بالقبض، فإن كان الانهدام بعض القبض لا خيار على ما بيننا.
وعلى هذا الذي ذكرنا لو كانتا باقيتين فأقبض أحدهما وامتنع من إقباض الأخرى فالمقبوض مرهون لجميع الحق؛ لأن الرهن وثيقة بكل الحق وبكل جزء من أجزائه على ما ذكرنا.
وحكي عن أبي حنيفة رواية أنه كان المقبوض رهن بحصته من الحق، ثم امتناعه من تسليم الثانية لا يبطل الرهن في الذمة أقبض
........ ولا يبطل أيضًا في التي امتنع من إقباضها حتى يغير عن البطلان بعبارة صالحة، فإن بدا له بعد ذلك تسليمه إليه مسلمة كان رهنًا لازمًا بالعقد السابق، وإن أصر ق 182 أ على الامتناع فللبائع فسخ البيع عند الشرط؛ لأنه لم يسلم جميع الشرط.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ أَصَابَهَا هَدْمٌ بَعْدَ القَبْضِ كَانَتْ رَهْنًا بِحَالِهَا وَمَا سَقَط مِنْ خَشَبِهَا".
وهذا كما قال، إذا رهن دارًا فانهدمت بعد القبض فالرهن صحيح على ما ذكرنا وتكون الدار بطوبها وخشبها وجميع أنقاضها رهنًا؛ لأن كل ذلك أخذ في عقد الرهن على ما ذكرنا.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ رَهَنَهُ جَارِيَةً قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ".
الفصل:
وهذا كما قال. إذا رهن جارية ثم ظهر بها حما فأقر به المرتهن لا يخلو إما أن يكون أقر بالوطء قبل الإقباض أو بعده، فإن أقر به قبله يؤثر الإقرار فيه؛ لأنه يجوز من ذلك الوطء، ويجوز أن تحبل من غيره، والأصل جواز العقد وعدم الحبل، ولا فرق بين أن يكون هذا الإقرار منه بعد عقد الرهن أو قبله؛ لأن الرهن غير لازم في الحالين، ثم ينظر، فإن لم يظهر الحمل فلا كلام، وإن ظهر بها حمل نظر، فإن كان الوقت لا يمكن أن يكون من ذلك الوطء بأن يكون لأكثر من أربع سنين أو لدون ستة أشهر من الوطء لم يلحق بالراهن ولم تصر أم ولده ويحكم بأنها أتت به من زنا أو وطء شبهة فيكون مملوكًا للراهن والجارية رهن بحالها، وإن كان الوقت يمكن أن تكون منه بأن كان لستة أشهر فصاعدًا