وفي ابتداء العتق واحد.
قال في "الأم": وإن كان سرًا نفذ إحياله وإعتاقه ويؤخذ منه القيمة، وإن كان معسر ًا فيه قولان:
أحدهما: ينفذ ق 184 وتكون القيمة في ذمته تؤخذ منه متى وجد مالاً.
والثاني: لا ينفذ ويكون رهنًا بحالها.
ونقل المزني رحمه الله أنه إذا كان موسرًا ينفذ وإن كان معسرًا لا ينفذ. وقال في "القديم": والرهن اللطيف إذا أعتق وأجل. قال عطاء: لا ينفذ ولهذا وجه. ثم قال: وقال بعض أصحابنا: ينفذ إن كان موسرًا وإن كان معسرًا لم ينفذ، واختار هذا ونظيره.
ثم قال: فإن قال قائل: لم تركت قول عطاء؟ قلنا: لأنه لا ضرر على المرتهن في العتق، لأنا لا نأخذ قيمته، فحصل من هذا أنه كان معسرًا لا ينفذ، وإن كان موسرًا فيه قولان، واختار الفصل بين الموسر والمعسر، والفرق ما ذكره الشافعي رحمة الله عليه أنه إن كان موسرًا يمكن أخذ القيمة منه ووضعها رهنًا مكانه فلا يؤدي إلى الإضرار بالمرتهن، وإن كان معسرًا لا يمكن ذلك. وهذا كما تقول في أحد الشريكين إذا أعتق نصيبه إن كان موسرًا ويؤخذ منه القيمة، وإن كان معسرًا لا ينفذ.
وكذلك لو أعتق السيد عبد العبد المأذون إن كان عليه دين لا ينفذ، فكذلك لو أعتق السيد. وغن لم يكن عليه دين اختلف أصحابنا في المسألة على المرق؛ قال صاحب "الإفصاح" وجماعة: في الإعتاق والإحبال ثلاثة أقوال:
أحدهما: لا ينفذ موسرًا كان أو معسرًا، وبه قال عطاء رحمه الله ق 185 أ لأنه لما أعلق رقبتها بعقد الرهن أوثقها بحق المرتهن فلا يجوز مناقضة فعله بفعله عند الإحبال والإعتاق.
والثاني: ينفذ موسرًا كان أو معسرًا، وبه قال أبو حنيفة وأحمد رحمهما الله؛ لأن الإعتاق والإحبال صادفا الملك الكامل، وإذا كان معسرًا عند أبي حنيفة يستسعيى العبد في قيمته، ويخالفه أحمد في ذلك، وهذا غلط؛ لأن فيه إيجاد الكسب على العبد ولا وجه له.
والثالث: الفصل بين الموسر والمعسر، وبه قال مالك رحمه الله، وهو الصحيح على المذهب، ووجه ما ذكرنا.
ولم يصرح الشافعي رحمه الله بان المسألة ثلاثة أقوال، ولكن حصل ثلاثة أقوال على وجه التخريج.
وقال أبو إسحاق: إن كان موسرًا ففي نفوذ إحباله وإعتاقه قولان، وإن كان معسرًا فحكمه مبني على الموسر، فإن قلنا هناك فههنا أولى. وإن قلنا هناك ينفذ فههنا