190 ب أَحْبَلَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا لَمْ تُبَعٍْ" فما فائدة كلام المزني وتكريره. قلنا: كلام المزني منعطف على مسألة العتق التي أوردها الشافعي للتعليل، وهو أنه قال: "وَلاَ يَكُونُ إِحْبَالُهُ لَهَا أَكْبَرَ مِنْ عِتْقِهَا". فأبطل العتق وتباع. قال المزني: "يَعْنِي بإِبْطالِ العِتْقِ حَالَة إِعْسَارِ الرَّاهِنِ". ثم قال بعد هذا: "تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ فِي قَوْلِ مَنْ يُعْتِقُهَا" قال المزني: "قَدْ قَطَعَ بِعِتْقِهَا فِي كِتَابِ عِتْقِ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ".
واعلم أن الشافعي غير مختلف في هذه المسألة أن أم الولد تعتقه بموت السيد، ولا يجوز بيعها بعد ثبوت حرمة الاستيلاد، وقد قطع بذلك في خمسة عشر كتابًا. وقوله: "فِي قَوْلِ مضنْ يَعْتِقُهَا" ليس بتعليق قول، بل هو تلويح بذكر خلاف ضعيف بين الصحابة، وذلك ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: "لما اجتمع رأيي ورأي عثمان على أن لا تباع أمهات الأولاد، وأما الآن أرى أن يبعن". وفد روي عن علي رضي الله عنه أنه راجع رأيه السابق وحرَّم البيع، وقد قال صلى الله عليه وسلم في مارية لما حبلت: "أعتقها ولدها". وقيل: إنما قال هذا ليعلم أن في المسألة خلافًا بين الصحابة وليست إجماعًا كما يقول مالك إنها إجماع بناء على أصله في أن من خالف من الصحابة ق 190 ب خارج المدينة لم يكن خلافه خلافًا.
فرع
لو وقف الراهن المرهون، فإن قلنا: ينفذ العتق ففيه وجهان:
أحدهما: لا بنفذ لأنه إزالة ملك لا يقبل الإبطال كالعتق.
والثاني: لا ينفذ لأنه لا يسري إلى ملك الغير بخلاف العتق فله مزية.
فرع آخر
لو قال الراهن للمرهون: أنت حر إن دخلت الدار بعد ذلك الرهن فيه وجها:
أحدهما: لا يصح؛ لأنه إذا لم يملك الإعتاق في الحال على ما ذكرنا لم يملك تعليقه بالصفة كما في عبد الغير وهو القياس.
والثاني: يصح؛ لأنه لا يمنع من التصرف الذي لا يضر بالمرتهن.
ألا ترى أنه لا يمنع من الإجارة والاستخدام، وإنما لا يصح إعتاقه لأنه يبطل حق المرتهن، وهذا لا يوجد ههنا، فكذلك لو قال: إن دخلت الدار فأنت حر فدخل بعد حلول الدين وإخراجه من الرهن، فعلي الوجهين. ولو دخل في الحال الرهن فهو كالعتق المنجز.
فرع أخر
لو رهن عبدًا عند رجلين فأذن أحدهما للراهن في إعتاق نصفه فأعتق صحَّ، ويعتق الباقي إن كان موسرًا، وإن كان معسرًا لا يعتق على القول الذي يقول: لا ينفذ عتق الراهن.