(إحداها): الماء الكثير إذا لم يتغير بالنجاسة، والثانية: إذا تغير بماذا يطهر؟ والثالثة: إذا كان قليلًا فنجس من غير تغير بماذا يطهر؟ وهو قوله:"وإذا كان قلتين فخالطته نجاسة ليست بقائمة فيه" إلى آخر الفصل.
وذكر الشافعي في "الأم" الماء الراكد والماء الجاري، فنقل المزني حكم الماء الراكد وترك حكم الماء الجاري، ونحن نذكرهما، وجملته أن الماء ضربان راكد، وجاري، فالراكد أن يكون في مصنع أو بئر، فإذا وقعت فيه نجاسة لا تخلو، إما أن تكون نجاسة جامدة أو مائعة، فإن كانت جامدة كالفأرة والعصفور، وقطعة لحم من الميت أو عظمه فلا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يكون فوق (215 ب/ 1) القلتين، أو وفق القلتين، أو دون القلتين.
فإن كان فوق القلتين لا يخلو، إما أن يكون بتغير أو لم يتغير، فإن لم يتغير فهو على الطهارة، وإن تغير نجسه وهو يطهر بأحد أربعه أشياء.
إحداهما: أن يزول تغيره بطول المكث بمرور الزمان، أو هبوب الرياح به.
قال القفال: أو بنبات شيء فيه مقل الكلأ ونحوه، وحكى عن الأصطخري أنه قال: إذا زال تغيره بنفسه لا يطهر، لأن نجاسته ثبتت بوارد فلا تزول إلا بوارد بخلاف نجاسة الخمر إذا صار خلًا.
والثاني: أن يصب عليه ماء,
والثالث: أن ينبع الماء فيه.
والرابع: أن يستقي بعضه حيث لا ينقص عن قلتين، وهذا لأن كل حكم تعلق بعلة زال بزوالها، والعلة في نجاسته التغير ههنا، وقد زال ذلك، وإن صب فيه تراب أو جص أو ثورة فزال به التغير، فيه قولان نص عليهما في رواية حرملة.
أحداهما: يطهر وهو اختيار المزني وهو القياس؛ لأنه لو كان في الابتداء ماء كدرًا فلم يتغير لونه لمخالطة النجاسة لتكدره، ثم ننجس فكذلك إذا تغير لونه بالنجاسة عند صفائه، ثم زال التغير بالتكدر وجب أن يطهر؛ ولأن التغير زال فأشبه إذا زال بنفسه وتفارق هذا إذا زال التغير بالكافور والمسك، وهذا أصح عند (216 أ/ 1) جماعة أهل العراق.
والثاني: لا يطهر نصف عليه في "الأم" لأنه أزال التغير بوارد لا يزيل النجاسة، فأشبه إذا طرح فيه المسك وهذا أصح عند جماعة أصحابنا بخراسان؛ ولأنه يجوز أن يكون التغير باقيًا، ولكن التراب أخفاه.
وقال أبو حامد: القولان فإما تغير التراب فلا يطهر قولًا واحدًا. والأول أصح، ونقل المزني وحرملة النورة صريحًا، وذكرًا فيه القولين. وقال بعض أصحابنا: إذا طرح فيه التراب فإنه صفًا ولم يكن تغير يحكم بطهارته؛ لأن التراب جذب النجاسة إلى نفسه، وفارق أجزاء الماء، وقيل: إن يصفوا هل يحكم بطهارته؛ وجهان، والأصح أنه لا يطهر لأن زواله لم يتحقق، فإن لون التراب غلبه، وربما إذا صفًا كان متغيرًا، ولا