في أنه أمانة لا ضمان فيه إلا بالتعدي؛ لأن ما كان أمانة بأصل الشرع في حكم عقد صحيح حاكي ق 221 ب فاسدة صحيحة في سقوط الضمان كالشيء المستأجر.
مسألة:
قَالَ: "وَإِذَا رَهَنَهُ مَا يُفْسِدُ مِنْ يَومِهِ أَوْ غَدِهِ".
الفصل
إذا رهن ما يفسد في مدة قصيرة، فإن كان ما يمكن استصلاحه كالرطب والعنب فإن رهنه صحيح وينظر فيه، فإن حل الحق قبل أن يخشي فساده بيع فيه، وإن كان يخشي فساده قبل محل الحق، قال الشافعي: "يشمس ويجفف" ويجب ذلك على الراهن، فإن امتنع منه يجبر عليه؛ لأنه يقصد إبطال وثيقة الرهن، وإن كان مما لا يمكن إصلاحه كالبقل والبطيخ والقثاء، فإن رهنه بحق حال جاز، وإن كان بحق مؤجل نظر، فإن كن يحل بعد فساده نظر، فإن شرط أن لا يباع عند فساده الرهن، وإن شرط أن يباع عند خوف فساده صح الرهن، ويجعل ثمنه رهنًا؛ لأن المقصود يحصل به، وإن أطلق فيه قولان:
أحدهما: يصح؛ لأن الظاهر أنه لا يترك الثمرة حتى تفسد ولكنه يبيعها عند خوف الفساد فيحمل مطلق العقد عليه.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه لا يمكن بيعه عند محل الحق فلا تحصل به الوثيقة وهذا ظاهر المذهب.
واختلف أصحابنا في معنى لفظ الشافعي:
"وَمَنَعَنِي مِنْ فَسْخِهِ أَنَّ لِلرَّاهِنِ بَيْعَهْ قَبْلَ مَحَلَّ الحَقِّ عَلَى أَنْ يُعْطَى صَاحِبُ الحَقِّ حَقَّهُ".
أذن للراهن عند خوف الفساد ببيع الثمرة بشرط تعجيل الدين من ثمنها لا يجوز ذلك وإذا قلنا: باطل فلا كلام، وإذا قلنا: صحيح ق 222 أ قال بعض أصحابنا: يباع عند خوف الفساد ويوضع ثمنه رهنًا؛ لأن العرف يقتضي ذلك، ولو امتنع الراهن أو المرتهن من ذلك أجبر عليه، وقد تنتقل الوثيقة من العين إلى القيمة بأسباب وهذا من جملتها.
وقال بعض أصحابنا: إذا خيف فساده فهو بالخيار بين بيعه ويكون ثمنه رهنًا، وبين تركه، وإن هلك لا يجبر على بيعه، لأنه بيع رهن قبل محل الحق. ويفارق هذا تشميس الرطب؛ لأنه من مؤنة الرهن فأوجب عليه، وههنا تكليف بيع، ونقل ملك فلا يجبر عليه وهذا أقيس، والأول أظهر؛ لأن في ضمنه الإذن ببيعه عند خوف الفساد. وقيل: الأصح جواز الرهن لهذا المعنى.