فيها الناس بمائة درهم أو بخمسين ونحو ذلك, وكذلك العبيد والإماء ولا يُعد هذا غبنًا فاحشًا. وإذا أبطلنا البيع وكان المبيع تالفًا له أن يرجع به على العدل. نص في "نختصر الرهن" على قولين: المذهب: أن له الرجوع بكمال قيمته أيضًا وهو عشرة.
والثاني: يرجع عليه بتغابن الناس بمثله, وهو ما حط عن تسعة إلى ثمانية فيرجع عليه بدرهم واحد؛ لأنه القدر الذي تعدى فيه, ثم هو يرجع بالتسعة على المشتري.
والأول: أصح؛ لأنه أخرج العين من يده على وجه لم يجز له فيضمن جميع قيمتها. ولو أن المشتري اشتراه بما يتغابن الناس بمثله لم يرجع عليه بشيء, ولكن يلزمه تمام القيمة ههنا كذاك العدل.
ومثل ما قال أصحابنا في الزكاة إذا لم يعط واحدًا من الأصناف مع القدرة يضمن نصيله, وكم يضمن؟ وجهان:
أحدهما: القدر الذي لو أعطاه في الابتداء جاز؛ لأن التفضيل جائز ق 229 أ والثاني: القدر الذي يخصه سوى بينهم.
هذا إذا خالف, فإن لم يخالف فباعه بثمن مثله أو ما يتغابن الناس بمثله فالبيع صحيح. وإن جاءه زائد فزاد في الثمن نُظر, فإن كان ذلك بعد لزوم البيع لم تنفع الزيادة, وإن كان قبل لزوم البيع, مثل أن يزيد في الثمن في مدة خيار المجلس أو خيار الشرط, قال الشافعي: "عليه قبول الزيادة" فإن لم يفعل فالمذهب أن البيع ينفسخ؛ لأن كل ما يكون في مدة الخيار, فهو كما يكون حالة التعاقد, ولو زيد حالة التعاقد فباع بدون الزيادة وبطل البيع كذلك ههنا. وعلى هذا إن تلفت السلعة في يده ضمن قيمة السلعة بالزيادة.
ومن أصحابنا من قال: لا تبطل, لأن الزيادة مظنونة فلا ينفسخ بها العقد, وهذا يبطل بحالة التعاقد فإنها مظنونة أيضًا.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: لو قال الثاني بعدما زاد: بدا لي ولا أزيد بل إن البيع الأول لم يبطل, وهذا كما أنه لو بذل الابن الطاعة لأبيه في الحج يلزمه أن يأمره به, وإن رجع عن الطاعة قبل أن يحج أهل بلده بأن أنه لم يجب وإنما يحكم وجوبه إذا ثبت على الطاعة حتى يحجوا.
قال القفال: لكيفية قبول ق 229 ب الزيادة باستئناف العقد الثاني مع المشتري الثاني من غير فسخ العقد الأول, فتضمن العقد الثاني فسخًا للبيع السابق, وإنما جعلنا قبول الزيادة معلقًا بالعقد؛ لأنه لو فسخ الأول بلفظ الفسخ ربما يمتنع الثاني فيبطل المقصود من العقدين, وهذا معنى قول الشافعي: "قبل الزيادة", وهذا يدل على صحة أحد الوجوه إذا باع البائع في زمان المجلس من آخر صح, وانفسخ البيع الأول فلا