ق 235 ب وكيلهما, وإن لم يكن لهما وكيل فإن كان للعدل عذر من مرض أو سفر رده إلى الحاكم إن قدر عليه سواء كانت الغيبة طويلة أو قصيرة, وإن لم يكن للحاكم كان له أن يضعه على يد ثقة يودع ماله عنده لأنه موضع ضرورة كما نقول في المودع, وإن لم يكن له عذر, وقال: لست أختار التبرع بهذا الحفظ نظر في غيبتها, فإن كانت بعيدة رده إلى الحاكم ليحفظه وليس له رده إلى غير الحاكم ههنا؛ لأنه لا حاجة به إليه, وإن سلمه إلى غير الحاكم ضمنه, ثم إن شاء الحاكم فولى حفظه بنفسه وإياه قصده الشافعي بقوله:
"لَم أَرَ أَن يَضطَّرَّهُ عَلَى حَبسِهِ وإِنَما هِيَ وِكَالَةٌ لَيسَت لَهُ فِيهَا مَنفَعَةٌ" فإن لم يكن حاكم في هذه المسألة ليس له أن يودع عند غيره لأنه لا حاجة, وإن كانت الغيبة قريبة وهي ما لا يقصر فيها الصلاة ولم يقبله وأمره بالتوقف حتى يكتب إليهما ويعلمهما بذلك فيختارا لأنفسهما من يحفظ الرهن عليهما كما قلنا في الحاضرين سواء لأنهما في حفظ المقيمين, وإن سلم العدل إلى ثقة في داره, فإن كان منفردًا بالحفظ فعليه الضمان, وإن لم يكن منفردًا بالحفظ. وإنما أعطاه ليحمله إلى صندوق أو خزانة فلا ضمان عليه؛ لأنه لم يخرجه عن يده وقبضه وسلطانه, وإنما ق 236 أ استعان بغيره في حفظه فهو كما لو كانت دابة فسلمها إلى سائس يحفظها ويعلفها ويسقيها.
فرع
لو جعل المتراهنان الرهن في يد عدلين جاز ويكونان أمينين في الحفظ لهما, فإن أراد أحد العدلين أن يسلمه إلى العدل الآخر ليكون كله في يده, قال ابن سريج: فيه قولان يعني وجهان:
أحدهما: لا يجوز, فعلى هذا يكون يدهما عليه معًا, وإذا سلم إليه ما في يده وهو نصفه فعليه ضمانه لأنه الذي تعدى فيه, وإنما تثبت يدهما عليه بأن يتركاه في بيت أو موضع يكون يد كل واحد منهما ثابتة عليه.
والثاني: يجوز لأنه يشق عليهما ذلك.
فإن قيل: أليس قال الشافعي: "إذا أوصى إلى اثنين لم يكن لأحدهما التصرف دون الآخر قولاً واحدًا" قلنا: الفرق على هذا الوجه لأنه لا يشق اجتماع الوصيين على التصرف وههنا اجتماعهما على الحفظ يشق عليهما.
وقال أبو حنيفة: فإن كان مما لا ينقسم جاز لكل واحد منهما إمساك جميعه, وإن كان مما ينقسم لم يجز واقتسماه. وهذا غلط قياسًا على ما لم ينقسم, وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز أن يضعاه في يد أحدهما بكل حالٍ. وهذا لا يصح لأن المتراهنين لم يرضا إلا بخفضهما جميعًا.