أن يقال: معقول الرهن مأذون لزيادة وثيقة لصاحب الحق وليس بالحق ولا جزء من عدده, فإذا باع بيعًا وضمنه بشرط الرهن والرهن مأذون فيه من جهة الله تعالى لم يفسد البيع ق 255 أ بهذا الشرط, فاستقل الكلام بنفسه من غير إضمار جواب. وأما إذا أقرأنا باللفظ على الرواية الثانية وعلى قوله: "لأنه زيادة وثيقة" فللكلام جواب واحد وهو جواب الثاني الذي ذكره من صحة البيع مع اشتراط الرهن فيه, وقيل: قصد به الرد على مالك حيث قال: يلزم الرهن بنفس العقد ويجب على الراهن تسليمه فقال: ليس هو الحق بعينه ولا جزء من عدده حتى يحب تسليمه.
فإذا تقرر هذا, لا يجوز شرط الرهن حتى يكون معلومًا لهما بالصفة والرؤية فلو قال: على أن ترهني ما في كمك وهو لا يعلم ما في كمه لأنه معنى فيه مصلحة البيع لا يثبت إلا بالشرط, ويعطيه من الرهن ما يليق بذلك الحق في العادة, وقال: يجوز شرط الضامن وإن لم يكن معينًا, وعند أبي حنيفة: لا يحتاج إلى تعيين الضامن ويحتاج إلى تعيين الرهن. وعندنا يحتاج إلى تعيين الضامن بالمشاهدة؛ لأن الصفة لا تأتي عليه, ثم إذا بطل الرهن هل يبطل البيع؟ قولان:
أحدهما: يبطل كما يبطل بالأجل المجهول.
والثاني: لا يبطل وهو اختيار المزني.
فرع
هل من شرطه أن يكون من يوضع الرهن على يديه معلومًا في العقد؟ وجهان:
أحدهما: لا يشترط ذلك ويوضع على يد من يتفقان عليه, فإذا اختلف انظر الحاكم فيه ووضعه على يد عدل ق 255 ب.
والثاني: يشترط ذلك فيلزم أن يبين من يكون في يده ذلك والأول أصح.
فرع آخر
لو شرط الشاهدين وأطلق يجوز, والفرق بينه وبين الرهن أنه لا عرض في أعيان الشهود؛ لأنه المقصود منهم العدالة فلم يكن من شرطه تعيينها بخلاف هذا, وأن الشاهدين معلومان بالشرع بخلاف الرهن والضامن.
فرع آخر
لو شرط إشهاد شاهدين معينين وامتنعا من الشهادة, لم يجبر المشتري على إشهاد غيرهما وللبائع الخيار لفقد الشرط, فلو أشهد المشتري غيرهما من العدول فهل يسقط خيار البائع؟ وجهان:
أحدهما: لا يسقط كما لو شرط ضامنًا فضمن آخر غيره, وهو اختيار القفال.
والثاني: وهو الأصح يسقط لأن الشهادة لا تختلف باختلاف الشهود.