مساويًا لصاحبه, فإذا قلنا: يحلف فحلف فالمقر له أولى بالرهن, وإن نكل عن اليمين رددنا اليمين عليه, فإن نكل فالحكم على ما بيناه, وإن حلف فيه ثلاث أوجه:
أحدهما: الرهن ينفسخ لأنهما قد تساويا فحصل أحدهما اليمين بالنكول والرد وللآخر الإقرار, ولا نعلم أيهما الأول فانفسخ الرهن إذ لا يمكن أن يجعل كله مرهونًا عند كل واحد منهما.
والثاني: يكون بينهما نصفين لتساويهما فيه.
والثالث: يكون المقر له أولى بالرهن, ويجب على الراهن الآخر قيمة الرهن تكون رهنًا عنده بحقه قصاصًا منه؛ لأن رد اليمين بعد النكول بمنزلة الإقرار, كما لو أقر للثاني ههنا بعدما أقر للأول, وكما لو رهنه ثم أقر أنه كان قد جني على رجل ادعاها المجني عليه لم يقبل قوله وألزماه قيمته له في أحد القولين, وكذلك في مسألة الغصب إذا قال: غصبت هذه الدار من فلان لا بل من فلان, وفيه قول مخرجٍ أنه لا يغرم للثاني شيئًا, وكذلك لو أقر لواحد, ثم أقر للثاني لا يقبل ولا يغرم الثاني شيئًا وهو الصحيح, لأنه أقر للثاني بما لزمه ويجوز أن يخفي عليه في الأول ولم يتلف مالاً فلا يلزمه الغرم, وإن كان الرهن في يد العدل فهو بمنزلة ما لو كان في يد الراهن لا فرق بينهما ق 278 أ وإن كان الرهن في يد أحد المرتهنين فإن أقر به للذي هو في يده فإنه أولى به لأنه قد اجتمع إليه وإقرار الراهن وهل يحلف الراهن للآخر قولان على ما ذكرنا, وإن أقر للذي في يده فيه قولان:
أحدهما: إقرار الراهن أولى من اليد فينزع من يد من هو في يده ويسلم إلى الآخر؛ لأن اليد في الرهن لا تفيد شيئًا, فإن يد المرتهن يد الراهن فلا تقوى بيده دعواه, ولأن تحت قوله: إن الآخر هو الذي رهنته وأقبضته, أو لأن الذي في يد الراهن غاصب للرهن, وأن قبضه ليس بصحيح, ولو اختلفا فقال الراهن: غصبتنيه, وقال المرتهن: بل قبضه منك كان القول قول الراهن, وإن لم يكن لهذه حكم فدل على ما قلناه.
والثاني: أن صاحب اليد أولى, كما إذا باع رجلين وسلمه إلى كل واحد منهما والمبيع في يد أحدهما فأقر به لمن ليس في يده, فإن صاحب اليد أولى من المقر له والأول أصح.
قال المزني: أولاً أصح القولين أن المصدق أولى من صاحب اليد لأنه حق من الحقوق اجتمع فيه إقرار المرتهن ورب الرهن.
وأراد دعوى المرتهن وإقرار الراهن فاستجاز تسمية الدعوى إقرارًا وليس بالعبارة المستحسنة, ثم اختار الثاني وهو أن الرهن عند ق 278 ب من هو في يده؛ لأن الراهن قد أقر له بالقبض كما لو أقر لصاحبه وله فضل يد على صاحبه فلا يقبل عليه دعوى الراهن من بعد, ثم قال:
إلا أن يقر الذي في يديه أن كل واحدٍ منهما قد قبضه فيعلم بذلك أن قبض صاحبه قبله".