لأن الغراس عبارة عنه وعن موضعه. وهذا غلط؛ لأنه يصح بيعه على هذا الوجه فصح رهنه.
مسألة:
قال: "وإذا رهن ثمرًا قد خرج من نخله قبل يحل بيعه ومعه النخل فهما رهن".
ذكر الشافعي ههنا ثلاث مسائل:
إحداهما: إذا رهن الأصل مطلقًا ولم يذكر الثمرة, فإن كانت مؤبرة لم يدخل في الرهن, وإن لم تكن مؤبرة فقد ذكرنا حكمها, ونص ههنا أنها لا تدخل في الرهن وهو الصحيح. وقال أبو حنيفة: يدخل في الرهن بكل حالٍ بخلاف البيع على أصله أنه لا يجوز الرهن على الأصل دون الثمرة, والعقد ينبني على الصحة. وهذا غلط؛ لأن المؤبر إذا لم يدخل البيع بالإجماع مع قوته فلأن لا يدخل في الرهن أولى.
والثانية: يرهن الأصل والثمرة فيصح الرهن فيها إن كان بدين حال, وإن كان بدين مؤجل يدرك الثمرة عند حلول الدين أو بعده يصح أيضًا, وإن كانت تدرك قبل حلوله ولا تجف إلى حلوله, فإن كانت مما تجف يحص الرهن أيضًا ولزمه الراهن ق 281 أ تجفيفها؛ لأن ذلك من مصلحتها وإن كانت مما لا تجف ولا تتلف فمن أصحابنا من قال: في صحة رهنها قولان, كما لو رهن طعامًا يفسد قبل المحل. ومنهم من قال: يصح ههنا قولاً واحدًا؛ لأن الثمار لو تلفت بقي الأصل, وفي الطعام لا يبقى شيء وقد تقدم ذكر هذا. فإذا قلنا: يبطل في الثمرة هل يبطل في الأصل؟ قولان بناء على تفريق الصفقة.
والثالثة: أن يرهن الثمرة منفردة, فإن كان قد بدأ صلاحها فرهنها بحق حال يجوز, سواء كانت بشرط القطع أو مطلقًا. وإن كانت بحق مؤجل فإن كان بجامع الإدراك أو قبله جاز, وإن كان يتأخر حلوله عن الإدراك, فإن كانت الثمرة مما يمكن تجفيفها جاز فتجفف وقت الصرام, وإن كانت مما لا يمكن تجفيفها هل يصح الرهن؟ قولان. وإن لم يكن بدا صلاحها فإن كان بحق حال وشرط القطع جاز؛ لأن البيع هكذا يجوز, وإن رهنها مطلقًا فيه قولان؛ أحدهما: يبطل كالبيع. والثاني: يجوز؛ لأن مقتضى الرهن بيعه بالحق, فإذا كان الحق حالاً اقتضى العقد قطعه في الحال لجري الشرط, وإن رهنها بحقٍ مؤجل بشرط القطع عند الحلول أو بلا شرط مطلقًا هل يجوز؟ قولان منصوصان:
أحدهما: لا يجوز كما لو باع مطلقًا أو بشرط القطع بعد مدة. قال أبو إسحاق: وهذا أصح نص عليه في "كتاب التفليس".
والثاني: يجوز ق 281 ب بخلاف البيع؛ لأن في مقابلته عوضًا هناك, فإذا أطلق يحصل الغرز بخلاف الرهن.