زَرْعًا مَعَ أَرْضٍ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ ثُمَّ أَصَابَهُ مُدْرَكًا أَخْذَهُ كُلَّهُ".
ههنا مسألتان:
إحداهما: إذا باع نخلًا عليها ثمرة فأدركت في يد المشتري, وقد ذكرناها.
والثانية: إذا باعه أرضًا وفيها زرع وقد ذكرنا حكمها في"كتاب البيع". وقال صاحب"الإفصاح": أراد ههنا إذا باع أرضًا فيها زرع نابت قد انعقد فيه الحب. وقول الشافعي:
"خَرَجَ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ" يريد به خرجت السنابل من أصولها مع الحب أو لم تخرج, لأنه سماه زرعًا والبزر لا يسمى زرعًا, فإذا كبرت واشتدت وكانت الزيادة غير متميزة فلا يكون للمفلس فيها حق, كالثمرة التي عطفها الشافعي عليها إذا كبرت وأدركت أخذها البائع, وبيع السنابل قبل انعقاد الحب فيها يجوز قولًا واحدًا, وإنما القولان إذا اشتد فيها الحب.
وأما إذا باع أرضًا فيها زرع نابت لم ينعقد فيه الحب ثم أفلس وقد أخرج السنابل واشتد, فإن الحب للمفلس ولا حق للبائع فيه, ويأخذ الأرض بحصتها من الثمن ويضرب مع الغرماء بحصة الزرع؛ لأن الزرع الذي كان موجودًا حال البيع صار بمنزلة التالف. وأما الحب فقد فقد حدث في ملك المشتري كالثمرة تحدث في ملكه فلا يكن للبائع فيه حق.
فأمَّا إذا كانت الارض مبذورة ق 299 أ فباعها وشرط أن يكون البذر داخلًا في البيع فيه وجهان:
أحدهما: لا يصح في البذر ولا يدخل في البيع تبعًا. ومن قال بهذا قال: إذا أفلس المشتري وقد صار البذر زرعًا فيه وجهان:
أحدهما: يكون للمشتري؛ لأن البذر انقلبت عينه وصار شيئًا آخر فلم يكن للبائع فيه حق.
والثاني: يأخذ الزرع؛ لأن النبات هو البذر, وإنما حصل فيه الزيادة والنماء.
وقول الشافعي:
"خَرَجَ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ" أراد خرج من الأرض أو لم يخرج, نبت أو لم ينبت.
ومن أصحابنا من قال: إذا باع أرضًا فيها زرع أخضر لم ينعقد فيه الحب, أو باع أرضًا مبذورة وشرط البذر وقلنا: بجوز فأفلس المشتري وقد أدرك الزرع كان أحق بالأرض مع الزرع, ويكون ذلك بمنزلة الزيادة المتصلة التي لا تتميز. وقد نص الشافعي في "الأم" على هذا. فحصل في هذا أن أصحابنا اختلفوا فيه على ثلاثة طرق: