ومن أصحابنا من قال: إن كان له مال سوى هذه الثمرة لا يجبرون على أخذها، لأنه لا غرض في ذلك وإن لم يكن له مال سواها يجبرون فحصل ثلاثة أوجه والمنصوص الأول. وهذا إذا كانت الثمرة من جنس حقوقهم، فإن لم تكن من جنس حقوقهم لم يلزم قبضها بعينها، فتباع ويدفع ثمنها إليهم، ثم لا حق للبائع ق 303 أ فيها، وإن صدقه بعضهم وصدق بعضهم المشتري وشهدوا لهما، فمن شهد للمفلس لا تقبل شهادته لأنه يجر منفعة، ومن شهد للبائع تقبل شهادته على ما ذكرنا، وإن لم يشهدوا وكانوا فساقًا فالثمن للمشتري إذًا.
ثم قال الشافعي: «ويدفع الغرماء الذين صدقوا المشتري دون الذين كذبوه».
وقال ابن سريج: أراد الشافعي بهذا إن اختار المفلس ذلك فأما إذا أراد أن يقسمه بينهم كان له ذلك، ويجبر من كذبه على أخذ الثمرة أو إبرائه من الدين.
ومن أصحابنا من قال: لا يجبر الغرماء المكذبون على قبول الثمرة، لأنه يمكنه صرفها إلى الغرماء المصدقين فلا غرض له في صرفها إلى الكل. وهذا قياس الوجه الذي ذكرنا إذا كذبه جميع الغرماء وله ما سواها، وإن صدق المفلس البائع وكذبه الغرماء، فإن هذا إقرار من المفلس للبائع، وإقرار المفلس مقبول قولًا واحدًا، وهل يشارك سائر الغرماء أم يأخذ ما يفضل عنهم؟ قولان؛ فإذا قلنا لا يشاركهم بأخذ ما يفضل، فإن سأل البائع يمين الغرماء أنهم لا يعلمون أنه اختار عين ماله قبل الإبار حلفوا على العلم قولًا واحدًا.
فإن حلفوا استحقوا الثمرة، وإن نكلوا عن اليمين حلف البائع لقد اختار عين المال قبل الإبار واستحق الثمرة.
ومن أصحابنا من قال: بل يحلف الغرماء ههنا قولان. ومن قال بالأول أجاب عن هذا وقال ههنا: يحلفون قولًا واحدًا، والفرق أن في تلك المسألة توجهت اليمين على الغرماء ابتداء فيحلفون قولًا واحدًا، وهذا هو الصحيح.
ق 303 ب: ثم قال الشافعي:
«فَإِنْ وَجَدَ بَعْضُ مَالِهِ كَانَ لَهُ بِحِصَّتِهِ».
وقد ذكرنا هذه المسألة.
فرع
إذا صدقه بعض الغرماء دون البعض قد ذكرنا أنه تصرف الثمرة إلى المكذبين رفقًا بالمصدقين على قول بعض أصحابنا، لأنها لو صرفت إليهم استرجع بهم، ثم هل يضاربون الباقين ببقية ديونهم، أم بكل ديونهم؟ فيه وجهان:
أحدهما: يضاربون ببقية ديونهم فيقسم على ذلك مال المفلس وعلى جميع الباقين وهذا أصح.