في ذمة المفلس لا يمنعكم منه والأول أصح, وإن لم يكن له مال فإن اتفق الغرماء نظر, فإن كان بأمر الحاكم كان مقدمًا على سائر الغرماء؛ لأنها نفقة على ما فيه مصلحة لمال المفلس ككراء البيت, وإن أنفق بغير أمر الحاكم كان متطوعًا به لا يرجع على المفلس وإن أنفق بإذن المفلس دون الحاكم كان دينًا له على المفلس وإن لم يكن الأمر مقيدًا بشرط الرجوع في ظاهر المذهب.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ بَاعَهُ زَيْتًا فَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ".
الفصل:
إذا اشترى من رجل زيتًا فخلطه بزيته, ثم أفلس لا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يخلط بمثل زيته فيأخذ البائع منه مثل مكيلته قولًا واحدًا, ثم إن اتفقنا على القسمة قسمان نصفين إذا تساوى قدرهما كما لو ورثاه معًا, وإن طلب البائع أن يباع الكل ويأخذ نصف الثمن هل يجبر المشترى عليه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجبر عليه ويقتسمان الثمن نصفين؛ لأنه لو رجع في عين ماله أخذ بعضًا من زيت المفلس, وإن بيع أخذ ثمن نصف زيت فلهذا كان له المطالبة ببيعه.
والثاني: يقتسمانه ولا يجبر المفلس على البيع لأنهما فيه شريكان بالسوية فلا يجبر أحدهما على البيع.
ومن أصحابنا من خرج قولًا آخر في أصل المسألة أنه يسقط حقه من عينه؛ لأن الشافعي علل وقال: "الذَّائِبُ إِذَا اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ انْقَلَبَ حَتَّى لَا يُوجَدَ عَيْنُ مَالِهِ".
وهذا غير صحيح؛ لأنه إذا خلطه بمثله فلا ضرر على الغرماء في تسليم مقدرا رميته إليه منه؛ لأن أجزاء الزيتين متساوية, فإذا كان كذلك كان كأنه موجود غير مختلط, ومعنى تعليل الشافعي إذا اختلط. بما هو أجود منه فكان على الغرماء ضرر في دفع مثل مكيلته منه, وأما إذا خلطه بأجود فيه قولان:
أحدهما: يبطل حق ق 309 ب البائع من عينه ويضرب مع الغرماء بثمنه. قال الشافعي: "وهذا هو الصحيح", وبه أقول لأنَّا لو قلنا: يباعان جعلنا الزيت الجيد الذي للمفلس تابعًا للكردي ويخالف الثوب بصبعه المشتري والدقيق يلته بزيته, فإن الصبغ والزيت أثران فجاز أن يكونا تابعين لمال البائع, ولأن عين الثوب والدقيق موجود زائده بأثر الصبغ والدق, فلم يسقط حقه من عينها, والزيت صار مستهلكًا بخلطه بزيت أجود منه فافترقا.
والقول الثاني: لا يبطل حقه من عينه, فعلى هذا هما جميعًا يباعان ويقسم الثمن بينهما على قدر قيمتهما متميزين, وهذا اختيار المزني لأن الثوب إذا صبغه بصبغ من عنده